المتحولون... العرب!
لا يمكن أن يكون الغرب بعد الانفتاح الواسع من خلال قنواته الإخبارية العالمية وصحافته على دول العالم العربي، مازال جاهلاً بشكل الحياة عندنا، ولا يمكن أن أصدق بأن هذا التصوير الهوليودي البشع لنا ولمدننا وطريقة معيشتنا هو نتيجة لجهل بريء!
سابقاً وعندما كنت أشاهد فيلماً غربياً يتناول شخصيات تمثل العرب أو البلاد العربية، وأشاهد السخافة البالغة للتصوير التي تظهرنا نحن العرب كأننا لا نزال نعيش في الواحات الصحراوية، ونرتدي أثواباً وعباءات ملونة ومخططة وعُقلاً موشاة بالخيوط الذهبية، في حين تظهر بجانبنا آبار البترول وسيارات فاخرة، كنت أجيب على استغرابي من هذا بأن المسألة ليست أكثر من جهل من الغربيين بحقيقة العالم العربي، وأن مخرجي ومؤلفي هذه الأفلام والقصص يعتمدون على ثقافة ضحلة عن العرب والعالم العربي وحقيقة الحياة فيه. لم أكن أقبل بأن أنساق مع الفكرة القائلة بأن حقيقة الأمر تعمد هوليودي لتشويه صورتنا عبر إظهارنا بهذه الصورة الغبية الهمجية، وأن اللوبي اليهودي له يد طولى في الموضوع. منذ أيام شاهدت فيلما حديثاً جداً من أفلام الخيال العلمي اسمه المتحولون (Transformers) تدور قصته حول مخلوقات فضائية آلية تغزو الأرض فتتصدى لها القوات الأميركية ببسالة فائقة «كالعادة». تبدأ أحداث الفيلم في القاعدة الأميركية الموجودة في قطر، حيث يكون أول ظهور لتلك المخلوقات الفضائية عبر هجوم على هذه القاعدة وإبادة كل من فيها إلا فرقة خاصة تتمكن من الهروب فتلتجئ، وهذا بيت القصيد، إلى مدينة قطرية. صعقت وأنا أرى كيف أظهر الفيلم هذه المدينة وسكانها وكأنهم من عرب الجاهلية. عباءات مزركشة وعقل ملونة ومساكن غريبة الشكل حول واحة تحفها النخيل، والأغرب من هذا كله أن الفيلم أظهر حولهم مبان شبيهة بمباني العتبات المقدسة في النجف، بنقوشها وزخارفها المميزة!لا يمكن بحال من الأحوال أن أتصور أن الغرب اليوم وبعد هذا الانفتاح الواسع من خلال قنواته الإخبارية العالمية وصحافته على دول العالم العربي بسبب الحروب والتدخلات العسكرية والسياسية التي تقوم بها الإدارة الأميركية وبقية دول الغرب فيه، أقول لا يمكن أن يكون الغرب بعد هذا كله لا يزال جاهلاً بشكل الحياة عندنا، ولا يمكن أن أصدق بأن هذا التصوير الهوليودي البشع لنا ولمدننا وطريقة معيشتنا هو نتيجة لجهل بريء!وما من شك اليوم بأن هذه الأفلام الهوليودية التي تدور بين دور السينما في أصقاع العالم، وهي تظهرنا بهذا الشكل البشع، أنما تكرس صورة عالمية لدى الشعوب المختلفة بأن العرب همج رعاع متخلفين منحتهم الأقدار هذه الثروة البترولية، وأن التدخل الغربي في بلداننا أمر لابد منه حتى لا نسيء التصرف بهذا البترول بهمجيتنا وتخلفنا!لليهود، على سبيل المثال، جمعيات ومؤسسات تهب عن بكرة أبيها فتقيم الدنيا ولا تقعدها عندما تستشعر أي إساءة لهم أو لإسرائيل، سواء في فيلم أو كتاب أو صحيفة، وكم من مرة شاهدنا كتاباً ومؤلفين يتعرضون لهجوم كاسح، بل وحتى للدعاوى القضائية من قبل هذه المؤسسات بسبب فيلم أو كتاب أو مقالة، وأما نحن العرب والمسلمين فلا بواكي لنا، وسنبقى عرضة لمثل هذه الأفلام ولغيرها من الوسائل الإعلامية التي تشوه صورتنا أمام كل شعوب الدنيا، دون أن ينبض فينا شعور أو إحساس!