الشيوخ في المعترك السياسي...1

نشر في 12-07-2007
آخر تحديث 12-07-2007 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر

الأسرة الحاكمة من مكونات الشعب الكويتي ولها مكانتها السياسية والاجتماعية، وأبناؤها ذابوا في النسيج الكويتي فكرياً وسياسياً واجتماعياً، فمنهم من يتبنى الطرح الديني، ومنهم الليبرالي، ومنهم التاجر، ومنهم المهني، ومنهم الغني، ومنهم محدود الدخل، وجميعهم يستظلون بالقواعد القانونية ونظم العمل نفسها التي يأتمرون بها وتجب عليهم طاعتها واحترامها كمواطنين.

الإثارة الصحفية، التي تقودها بعض الصحف المحلية لما يسمى باستهداف الشيوخ، ما هي إلاّ حلقة أخرى من سلسلة ضرب الدستور وتشويه الديموقراطية بدليل أن مصادر هذا الترويج هي نفسها التي تمارس، منذ فترة، برنامج منظم في التحريض على مجلس الأمة والدعوة باتجاه الحل غير الدستوري وتنقيح الدستور وتبني نظام مجلس الأعيان، إضافة إلى بث روح الطائفية والقبلية في محاولة يائسة لخلط ما أمكن من الأوراق السياسية.

ولا شك أن كل هذه الأوراق خطيرة ويكمن فيها شرر نيران قابلة للاشتعال في حالة النفخ فيها، ولكن الزج بالأسرة الحاكمة من الجانب العاطفي والتعبئة الإعلامية مسألة تتضاعف فيها الخطورة.

وإذا كان من حق الشعب الكويتي أن ينعم بضمانة مطلقة في حماية الدستور وبقاء الديموقراطية فللأسرة أيضاً ضمان حقها السياسي في الحكم. ولكن ما بين هاتين الضمانتين مساحة كبيرة من العمل الميداني وقواعد اللعبة السياسية التي تشهد دائماً جولات من السخونة والمرونة والشد والجذب والتعاون والتنافس، يسهل فيها خلط الأوراق. فما عدا مسند الإمارة لا توجد أي حصانة لأي مسؤول بما في ذلك أبناء الأسرة من المحاسبة والمساءلة والرقابة والعقوبة، وهذه حقيقة واقعية لا يمكن التغاضي عنها. ولعل في موقف صاحب السمو الأمير وسمو رئيس مجلس الوزراء، وهما قطبا الحكم في الكويت، خير برهان على احترام نتائج هذه الممارسة السياسية التي شهدت خلال الشهور الثلاثة الماضية خروج اثنين من أبناء الأسرة من الحكومة إثر مساءلة برلمانية ساخنة.

فالأسرة الحاكمة من مكونات الشعب الكويتي ولها مكانتها السياسية والاجتماعية، وأبناؤها ذابوا في النسيج الكويتي فكرياً وسياسياً واجتماعياً، فمنهم من يتبنى الطرح الديني، ومنهم الليبرالي، ومنهم التاجر، ومنهم المهني، ومنهم الغني، ومنهم محدود الدخل، ومنهم القيادي، ومنهم الموظف العادي، ومنهم من يقضي عقوبة السجن، ومنهم الهاربون في الخارج على ذمة قضايا، ومنهم من لهم علاقات وامتدادات عائلية مع مختلف الفئات الاجتماعية بالزواج والمصاهرة أو الصداقة أو الشراكة التجارية، ويستظلون بالقواعد القانونية ونظم العمل نفسها التي يأتمرون بها وتجب عليهم طاعتها واحترامها كمواطنين.

ومساءلة أبناء الأسرة، انطلاقاً من قاعدة «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، تعني الشخص المسؤول، وإن كان حدود تأثيرها أكبر وصداها أوسع، فكما أن المسؤول في حالة محاسبته علناً تتأثر أسرته وأبناؤه وأصدقاؤه وأحياناً عائلته الكبيرة أو قبيلته أو طبقته الاجتماعية، فكذلك الأسرة الحاكمة، ولذا فهم أولى من غيرهم بالحفاظ على سمعة العائلة في حالة تصديهم للعمل العام.

وما شهدته ساحات النقد والمساءلة بحق بعض المسؤولين من الشيوخ أو غيرهم كانت نتيجة لمشاكل وتجاوزات في مؤسسات مشبوهة وفاسدة تولوا أمرها فعجزوا عن إصلاحها أو تمادت المشاكل في ظل مسؤولياتهم، فاستجواب وزير الإعلام الشيخ سعود الناصر تبعه استجواب ثلاثة وزراء إعلام لاحقين، واستجواب وزير المالية الشيخ علي السالم تلاه استجواب وزيرين آخرين للوزارة ذاتها، واستجواب الشيخ أحمد العبدالله كوزير للصحة سبقه استجواب وزير واحد مرتين متتاليتين.

كما أن مسؤولي الكثير من الهيئات العامة؛ كالزراعة، ووكالة الأنباء الكويتية، والخطوط الجوية الكويتية، قد نالوا من النقد الشرس أثناء تولي الشيوخ وغيرهم على حد سواء.

ولذلك، فإن الترويج لفكرة استهداف الشيوخ لا يمكن أن يكون حجة مقبولة في حد ذاتها وتكمن علة ذلك بأسباب أخرى نوردها في مقال لاحق بإذن الله.

back to top