Ad

هناك أسباب ثلاثة تفسر لنا أسباب تخوف «حدس» من حل مجلس الأمة؛ أولها: أن الحركة ربما تراهن على إجراء تغيير جديد في النظام الانتخابي بدلاً من نظام الدوائر الخمس الذي لا يلائم طموحاتها. وثانيها: خشية الحركة من فقدانها مكاسب برلمانية وسياسية وحقائب وزارية وثاني أهم منصب في مجلس الأمة. وثالثها: عدم استعداد «حدس» خوض انتخابات جديدة في ظل نظام الدوائر الخمس ولاسيما بالنسبة إلى الدائرتين الرابعة والخامسة.

بادرت الحركة الدستورية الإسلامية ممثلة في نائب رئيس مجلس الأمة النائب د. محمد البصيرى لطلب ترتيب لقاء للكتل البرلمانية مع صاحب السمو الأمير، وقد تبنى هذه «المبادرة» رئيس مجلس الأمة. فما السبب يا ترى لمبادرة «حدس» المفاجئة؟ ولماذا الآن؟

لندع ممثل الحركة الدستورية الإسلامية د. محمد البصيرى صاحب المبادرة البرلمانية يجيب عن ذلك، فقد صرح للصحافة، بعد لقاء صاحب السمو الأمير مع الكتل البرلمانية، وبما يشبه «البشارة» بأن «شبح حل مجلس الأمة أصبح من الماضي»!!

إذن كان الخوف من حل مجلس الأمة، الذى لا يملكه دستورياً إلا صاحب السمو الأمير، هو السبب الذي دعا «حدس» إلى المبادرة بعدما كثر الحديث عنه وكاد أن يكون وشيكاً. وهنا يبرز سؤال آخر وهو لماذا تخاف «حدس» من حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة تجري وفق النظام الانتخابي الجديد للدوائر الخمس خصوصاً أن المجلس الحالي جاء نتيجة لنظام انتخابي فاسد ومشكوك في نزاهته؟

هنالك، في اعتقادي ، ثلاثة أسباب قد تفسر هذا الخوف:

الأول، أن الحركة الدستورية الإسلامية أو «الإخوان المسلمين» بشكل أكثر دقة، هم أحد الأطراف السياسية التي ساهمت في تبنى النظام الانتخابي الخمس والعشريني للدوائر عندما تحالفوا مع أطراف نافذة في السلطة بعد الانقلاب الأول على الدستور في عام 1976، وكانوا ممثلين رسمياً آنذاك في الحكومة، وقد استطاعوا من خلال هذا النظام الانتخابي، وبعد رعايتهم للانتخابات الفرعية القبلية والطائفية، أن يحققوا مكاسب سياسية وإدارية كبيرة، وبالتالي فمن الصعب عليهم وبعد ما يقارب الثلاثين عاماً من العمل «بنظامهم» الانتخابي الذي حقق لهم الكثير من المكاسب أن يتخلوا عنه، لذلك كان دخولهم في حملة «نبيها خمس» متأخراً وجاء بعد تردد وقد رفض ممثلهم في الحكومة آنذاك د. إسماعيل الشطي الاستقالة بعد رفض الحكومة لمقترح الدوائر الخمس وتحويل الطلب إلى المحكمة الدستورية. والآن، فمن يدري، لعلهم ينتظرون تغييراً جديداً على النظام الانتخابي؟

أما السبب الثاني، فهو أن «حدس» لا يمكنها التفريط في المكتسبات السياسية التي لديها الآن على أرض الواقع، حيث إنها ممثلة رسمياً في الحكومة ويتولى ممثلها حقيبتين وزاريتين مهمتين هما حقيبتا النفط والكهرباء والماء. وإن كان بعضهم يرى أن طلب الكتل البرلمانية لقاء سمو الأمير قد يعتبر وكأنه «شكوى» حول عدم تعاون الحكومة بدرجة أو بأخرى، إلا أن «حدس» دائماً لها رأي مختلف حيث أشار ممثلها النائب د. محمد البصيرى في تصريحاته بعد اللقاء إلى «توافر الأرضية الجيدة والمهيأة للتعاون بين المجلسين ولزوال الدواعي كافة المؤدية إلى التأزيم مستقبلاً». علاوة على ذلك، فـ «حدس» تشغل في المجلس الحالي منصب نائب الرئيس ومن غير المضمون في المجلس القادم أن تستطيع الحصول على هذا المنصب المهم.

وبالنسبة للسبب الثالث، فهو في ظني، عدم استعداد «حدس» للانتخابات البرلمانية القادمة التي ستجرى حسب نظام الدوائر الخمس خصوصاً فى الدائرتين الانتخابيتين الرابعة والخامسة التي يمثلهما في المجلس الحالي ثلاثة أعضاء يشكلون نصف عدد أعضاء «حدس». حيث يبدو أن الوضع الانتخابي لـ«حدس»، حتى الآن، صعباً في هاتين الدائرتين وقد يحتاج إلى مزيد من الوقت لترتيبه، وفترة السنتين والنصف سنة المتبقية من عمر المجلس الحالي قد تكون كافية للقيام بذلك.

من الممكن أن يكون هنالك أسباب أخرى تفسر مبادرة «حدس»، لكن الأكيد أن «الذيب ما يهرول عبث»!!