Ad

تبين لنا أن التيار المدني ليس الوحيد الذي لديه مشكلة في خلط الدين مع السياسة في ما لو قيد الدين أو تعارض مع قوانين البلد وأيهما يسود على الآخر، فالأسبوع الماضي أبرز لنا مشكلة التيار الديني نفسه في خلط الدين مع السياسة.

أعطانا الأسبوع الماضي نظرة خاطفة على شكل الدولة الدينية المراد تطبيقها في الكويت، بدءاً من الاختلاف على يوم عاشوراء وانتهاء بقضية طرح الثقة عن وزيرة التربية، فلم يكن علينا سوى الجلوس ومشاهدة التيار الديني يبرهن للناس فشل مشروعه بتحويل الكويت إلى دولة دينية قبل ولادته من خلال تسابقه على استجداء الفتاوى من مشايخه، الذين بدورهم أصدروها وعادوا «لحسوها» بتناقض في غضون ساعات، ففتوى عجيل النشمي التي تراجع عنها بيّنت كيف أن الاستهلاك السياسي اليومي لرجل الدين يحط من مكانته ويجعله مصدراً للتندر في الدواوين، ورأينا كيف يحقر أعضاء التيار الديني بعضهم بعضاً على هذا الموقف أو تلك الفتوى.

كما تبين لنا أن التيار المدني ليس الوحيد الذي لديه مشكلة في خلط الدين مع السياسة في ما لو قيد الدين أو تعارض مع قوانين البلد وأيهما يسود على الآخر، فالأسبوع الماضي أبرز لنا مشكلة التيار الديني نفسه في خلط الدين مع السياسة، فعندما طرح تساؤل ماذا لو تعارض الدين مع الحسابات الانتخابية؟ رأينا سيادة الحسابات الانتخابية فوقعت أصوات الكتلة الإسلامية تحت خانات التأييد والمعارضة والامتناع على حد سواء! فكيف تصح ثلاثة مواقف متناقضة مبنية على دين واحد؟

إن أساس مشروع الدولة الدينية الذي يستند إليه المطالبون بها هو أن النص هو المنظم لشؤون الحياة، وحال وجود ثغرات فالإجماع كفيل بسدها، ولكن ما نوع هذا الإجماع؟ عند بداية الدعوة كانت الدولة الإسلامية تقع في نطاق جيوغرافي وسياسي واجتماعي ضيق، وكان الخليفة والمشايخ المحيطون به هم مصدر التشريع، وكانت الأمة تأتمر بأمرة قيادة سياسية ودينية واحدة، إذن كانت هناك مركزية في القرار والتشريع لم تعد موجودة الآن.

كما أن مفهوم الإجماع تلاشى، وهو أمر يتجاوزه التياران الديني والمدني معاً! فالإجماع على أمر يعني انعدام معارضته، ويستحيل ذلك الآن مع توسع الأمة وتشعبها عقائدياً وسياسياً واجتماعياً. إذًن لا يوجد إجماع بل أغلبية، والاحتكام لرأي الأغلبية يعني فرضه على الأقلية، وعندما يكون أساس الرأي عقائدياً وأيديولوجياً فذلك يمس أبسط حقوق الإنسان الأساسية، وينتهي الأمر إلى اضطهاد الأقلية من قبل أغلبية دكتاتورية كما هو حاصل في الدول الدينية.

إذن بعد ما تقدم، إذا كان النص جامداً وتفسيراته متناقضة والإجماع مستحيلاً، فماذا بقي من الدولة الدينية؟ وهل نحتاج إلى Sneak Preview لها كما في دعايات السينما ونحن نرى الفيلم كاملاً في إيران و«طالبان» وبعض الجيران؟

Dessert

مراهقو التحليل السياسي من مؤيدي طرح الثقة يقولون «على الوزيرة قراءة النتائج جيداً، فوجود 19 مؤيداً لطرح الثقة كافٍ لتقديم استقالتها. «يا سلام»!... أصبح مجرد تقديم طلب طرح الثقة كافياً عند الخبراء الدستوريين الجدد لسحبها من الوزير، لماذا نصوت إذن؟