Ad

يجب أن يحاط سمو رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وهو المسؤول الأول عن البيئة مروراً بمجلس الوزراء ومجلس الأمة علماً وبموضوعية وصدق، بأن الكويت قد تحولت إلى أرض ملوثة ومياه ملوثة وسماء ملوثة إلى حد خطير في ظل هيئة عامة للبيئة عديمة الفائدة وبلا مدير عام لأكثر من سنتين.

البيئة في الكويت قاتلة! هذه ليست عبارة للتهويل أو التخويف أو حتى من أجل دق ناقوس الخطر، لكنها واقع بشواهد حقيقية ومؤشرات علمية لا يمكن إنكارها، فالبيئة تحولت وبفعل فاعل إلى جريمة منظمة أركانها تورط الهيئات الحكومية وتقاعسها وخضوع المسؤولين فيها لإمرة أصحاب النفوذ وغياب الدور الرقابي وضحاياها الأبرياء من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة، وأخذت مثل هذه الجرائم البيئة تحصد حياة الأطفال بشكل ملفت.

فقد أفاد السيد وزير الصحة بأن عدد حالات السرطان بلغ أكثر من 1200 حالة سنوياً، وتشير التقديرات إلى أن نصفهم من الأطفال والشباب دون سن الأربعين، كما انتشرت أنواع جديدة من الأمراض العجيبة والفتاكة وغير المعهودة بين الفئات العمرية الشابة منها حالات الربو الحديثة وكذلك مرض التصلب المنتثر (MS) النادر جداً والمحصور جغرافياً بدول الشمال الباردة!!

وإذا كانت بعض التحركات النيابية قد لاحت في الأفق للتصدي لقضايا البيئة، إلا أنه يجب التحذير من فقدان البوصلة الحقيقة لمواجهة العدو الحقيقي للبيئة من خلال استهداف وزير التجارة والهيئة العامة للبيئة واعتبار المنطقة الجنوبية هي الوحيدة المنكوبة، على الرغم من ضرورة التدخل الجراحي الفوري لإنقاذ محافظة الأحمدي من الخطر الداهم.

ويجب ألا «نستغفل» بأن القضية البيئية منحصرة في مجموعة قسائم صناعية لم توزع حتى الآن في الشعيبة أو أن يكون التجاوب الحكومي مع ذلك مجرد تخدير لمجلس الأمة وجمعيات النفع العام والنشطاء في مجال البيئة لتمرير أكبر مخطط كارثي في تاريخ الكويت تحت غطاء المشاريع الكبرى في بوبيان والصبية وذبح الخليج رغم التحذيرات الدولية والدراسات العلمية الرصينة التي تنبئ بحدوث مجزرة بشرية بحق الأجيال القادمة من أبنائنا.

ويجب أن يحاط سمو رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وهو المسؤول الأول عن البيئة مروراً بمجلس الوزراء ومجلس الأمة علماً وبموضوعية وصدق بأن الكويت قد تحولت إلى أرض ملوثة ومياه ملوثة وسماء ملوثة إلى حد خطير في ظل هيئة عامة للبيئة عديمة الفائدة وبلا مدير عام لأكثر من سنتين والإفراط الشديد في صدور القرارات المعادية للبيئة وضعف الوعي البيئي وانعكاس ذلك على أولويات عمل الجهات الرقابية خصوصاً مجلس الأمة ومؤسسات المجتمع المدني المختصة، ولهذا، فإن مواجهة هذا الخطر الكبير تتطلب الشروع في التحضير لمعركة جديدة يقودها المجلس والحكومة معاً، يوجهون أنظارهم إلى أعداء البيئة أياً كانوا وضم قضايا الشعيبة والأحمدي وأم الهيمان في الإطار العام والحقيقي للمواجهة، ومثل هذه المعركة ينبغي الاستعداد لها ليس من خلال التلويح بمساءلة وزير التجارة، ولكن تعميم مبدأ المحاسبة الحكومية وتدشين حزمة من التشريعات المعيارية الكفيلة بحماية الإنسان وبيئته وخلق الوعي البيئي الضاغط والرشيد.

ويجب في هذا المقام أن نشيد بصوت الحق والإخلاص الذي تقوده الدكتورة لمياء حيات ومبادرتها الذاتية في إدارة حملة وطنية صامتة ومن خلف الكواليس، ولكنها تحارب وتحجم، وهي من المتخصصين النوادر في الكويت في مجال البيئة، والمعتمدة في أرقى المؤسسات العالمية ومنها الأمم المتحدة، والعليمة بما يخبئه القدر إذا استمرت جرائم البيئة، ويجب الاستنصار لهذه الثروة الوطنية قبل فوات الأوان وإن فات جزء كبير منه.