انكشفت حقيقة نوايا من وراء رفع «علم» النووي الإيراني كـ «قميص عثمان» لأهداف أخرى، باتت مكشوفة جداً عبر طبول الحرب التي بدأت تدق بقوة من جديد من قبل عصابة ديك تشيني الإسرائيلية، تحت غطاء وأكذوبة «الهولوكوست النووي الإيراني».«إنه رجل غير مسؤول ويعمل فوق القانون وفوق مجلس الأمن الدولي»! كانت هذه أخف عبارة اخترتها من صحيفة «واشنطن بوست» ضد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي توصل أخيراً، وبعد تقص مضن دام أعواما عدة إلى ما بات يعرف باتفاق الشفافية مع إيران لفك آخر «ألغاز» أو ما غدا يعرف بالقضايا العالقة بين طهران والوكالة الدولية.
الهجوم الشرس والظالم والتعسفي ضد البرادعي لم يقتصر على الصحافة الأميركية، بخاصة، والغربية بعامة، لاسيما الصهيونية منها، بل للأسف الشديد - أقولها والقلب يعتصر بالألم – إن الذي بدأ بالهجوم اللاذع وغير المبرر على البرادعي هو بعض منابر الصحافة العربية، نعم بعض منابر الصحافة العربية ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن اتفاق الشفافية!
ففي مقال مطول نشرته إحدى صحف المهجر العربية بتاريخ 31 /8/2007، وبعد إسهاب في نقد ما سمي بـ «أخطاء البرادعي في الملف النووي الإيراني»، تقول الكاتبة «إن تعاطف محمد البرادعي مع الامتعاض الإيراني من تصنيف الرئيس الأميركي لإيران في «محور الشر» لا يتطلب منه صوغ سياسة دولية جديدة تفرض علاقة ثنائية أميركية - إيرانية مختلفة... تدخل واقعياً في خانة إجبار أميركا على القبول بالنظام الإيراني والتعهد بعدم إطاحته. وهذا حقيقة وصراحة ليس من شأن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية... والسبب أن ما يتحكم بالعلاقة... ليس الملف النووي حصراً، وإنما الأدوار الإيرانية الإقليمية...».
وبعد إسهاب آخر في الهجوم على ما تسميه الكاتبة بـ «نظام الملالي» مع ما تحمل هذه العبارة من إساءة مقصودة الى النظام الإسلامي ورجال الدين لدى القارئ، تطالب البرادعي فوراً إذا كانت لديه فعلاً مثل هذه «الرغبة المتضخمة»!، كما تسميها، أن «يتجاوز منصبه وأن يتناول الملفات الإيرانية الإقليمية ليطلب من طهران الكف عن استخدام المعاناة الفلسطينية سلعة في مهاترات أحمدي نجاد... وأن يطالب بوقف الدعم لـ «حزب الله» اللبناني الميليشيا التي طالبت القرارات الدولية بتفكيكها... وأن يتحدث إلى القيادة الإيرانية بلغة حاسمة في ما يخص سياساتها الطائفية المميتة في العراق.... ولربما تمكن المدير العام من إقناع الملالي في طهران بايقاف التنكيل بالنساء... والتخويف للاستبداد بالحكم والسلطة»! إلى أن تصل الكاتبة إلى تبرير احتجاجها على الوكالة وعلى ما تسميه بـ «مكابرة الروس والصينيين» فتقول: «إن الاحتجاج يصب قطعا... في انحراف الوكالة الدولية - ومديرها العام بالطبع - إلى علاقة مريبة مع الجمهورية الاسلامية تنتقص من العلاقة المهنية بين الوكالة وبين مجلس الأمن الدولي... في حين أن مهمة الوكالة تدخل حصراً في المراقبة النووية بشراكة مع مجلس الأمن وليس... بإصدار تأشيرة هروب من الاستحقاقات والعقاب»!
إن هذه الطريقة «العربية»! في التعامل مع البرادعي والوكالة الدولية والملف النووي الإيراني تذكرني بمقال أكثر شناعة وصلفاً كتبه أحدهم يوما بمنزلة كلمة التحرير لصحيفة عربية مهاجرة أيضا قال فيها بالحرف الواحد «بقدر ما كنت مسروراً بقصف مفاعل تموز العراقي سأكون أكثر فرحاً وسروراً بقصف مفاعل بو شهر الإيراني...»! وكلكم يعرف من قصف مفاعل تموز العراقي ولا داعي هنا للتبجح بمحاكمة نظام صدام! فالأمر مختلف تماماً. ثم يسهب الكاتب هو الآخر في تهكمه وسخريته مما يسميه بتبريرات «الملالي»! لاستخدام الماء الثقيل والتخصيب من أجل الطاقة الكهربائية!
ما أردت قوله هو انكشاف حقيقة النوايا من وراء رفع «علم» النووي الإيراني كـ «قميص عثمان» لأهداف أخرى باتت مكشوفة جداً عبر طبول الحرب التي بدأت تدق بقوة من جديد من قبل عصابة ديك تشيني الإسرائيلية تحت غطاء وأكذوبة «الهولوكوست النووي الإيراني»، هذه المرة لتبرير فشلهم المحقق في العراق وفي محاولة للفرار من وجه العدالة الدولية والقومية الأميركية أيضاً، ولو لأشهر إضافية معدودة والتي ستظل تلاحقهم إلى أن تنال الإنسانية قصاصها منهم تجاه ما فعلوه بالعراق المظلوم وبالعرب والمسلمين من تشرذم، وتفتيت وحروب طائفية ومذهبية وأهلية متنقلة. ولكن السؤال الكبير مرة أخرى: لمصلحة مَن تباع وتشترى بعض الأقلام العربية في سوق النخاسة الدولية وفي مهرجان ذبح العرب والمسلمين بسيوف إسرائيلية – أميركية حاقدة تمسك بها أيد «عربية» مخدوشة الانتماء لمسؤولية المهنة كحد أدنى؟!
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني