Ad

قراءة سريعة لواقع تنظيم «الإخوان المسلمين» الأردني العريق، الذي تجاوز عمره الستين عاماً، في ضوء خسارته الفادحة في انتخابات أمس الأول، تظهر أن هناك ثلاثة أسباب قادت إلى نكبتهم؛ أولها، الانقسام الداخلي. وثانيها، تأييدهم لانقلاب «حماس» في غزة، وأخيراً، بُعدهم عن قضايا وهموم الأردنيين الحياتية، لذا فقد بات «الإخوان» الأردنيون يقفون على مفترق طرق، بعدما فقدوا الدور الذي بقوا يلعبونه في الحياة السياسية الأردنية.

خسارة الاخوان المسلمين الفادحة في الانتخابات التشريعية الأردنية، التي أجريت أمس الأول الثلاثاء، كانت متوقعة حتى من قبلهم أنفسهم، فهُمْ خلال الأعوام الأخيرة حادوا عن الطريق الذي بقوا يسيرون عليه منذ إنشائهم في عام 1946، ولذلك فقد أصبح حالهم كحال ذلك الغراب الذي حاول تقليد مشية الحمامة فلم يستطع ولم يُفلح، وكانت النتيجة أنه نسي مشيته الأصلية فأصبح لا هذا ولا ذاك!

ثلاثة أسباب مباشرة جعلت الاخوان المسلمين في الأردن يصابون بهذه النكبة التي من المتوقع أن تكون انعكاساتها شديدة الوطأة على بنيتهم الداخلية، التنظيمية والسياسية، وهذه الأسباب هي:

أولاً: انهم ذهبوا إلى معركة الانتخابات هذه المرة، وهم منقسمون انقساماً حاداً بين حمائم وصقور وكانت النتيجة أن «الصقور»، الذين طالبوا بمقاطعة هذه الانتخابات وفشلوا في إلزام الحمائم بوجهة نظرهم، لم يكتفوا باتخاذ موقف المتفرج، بل إنهم ساهموا مساهمات ميدانية رئيسية في تشويه صور إخوانهم و«تسْويد» سمعتهم في أنظار الناخبين، حيث اتهموهم بالذيلية للحكومة، وبالتخلي عن مواقف الحركة الإسلامية.

ثانياً: انهم تبنوا الانقلاب الدموي الذي قامت به حركة حماس في غزة، ولم يتوقفوا بعد هذا الانقلاب، الذي رفضه الرأي العام الأردني وأدانه، عن تبرير حتى أخطاء هذه الحركة وعن ربط نفسها، تنظيمياً وسياسياً، بالقاطرة الإيرانية، كما أنهم أعطوا انطباعاً عن أنفسهم أنهم إن وصلوا إلى مواقع السلطة فإنهم سيفعلون في الأردن ما فعلته هذه «الحركة الشقيقة» في الساحة الفلسطينية.

ثالثا: انهم بقوا يرفعون الشعارات السابقة التي رفعوها منذ عام 1989، أي منذ استئناف الحياة البرلمانية في الأردن، ومنذ أن بدأت عملية التحول نحو الديموقراطية، وهذا عزلهم عن هموم الأردنيين الذين باتوا يتساءلون في ضوء الأزمة الاقتصادية الخانقة، بسبب هذه الارتفاعات المرعبة في أسعار البترول: نعم الإسلام هو الحل... ولكن كيف؟ وهل مجرد رفع هذا الشعار الجميل كفيل بمواجهة التحديات التي يواجهها الأردن وخصوصاً التحديات الداخلية؟!

في عام 1997 دفعت حالة الارتباك، التي بدأ يعيشها هذا التنظيم، الذي يُعْتبَر الحزب الوحيد الحقيقي في الأردن، إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية وكانت النتيجة في غاية السوء، حيث وجدوا أنفسهم يعيشون عزلة جماهيرية خانقة، ووجدوا أنهم أصبحوا على هامش الحياة السياسية الأردنية، فعادوا في أول انتخابات إلى المشاركة، ولكنها لم تكن عودة موفقة، حيث بقوا في تراجع مستمر إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه.

والآن، فإن قراءة سريعة لواقع هذه التنظيم العريق، الذي تجاوز عمره الستين عاماً، في ضوء خسارته الفادحة في انتخابات أمس الأول، تظهر أن «الإخوان المسلمين» باتوا يقفون على مفترق طرق، وأنهم ذاهبون إلى الانقسام، وأنهم فقدوا الدور الذي بقوا يلعبونه في الحياة السياسية الأردنية... وبالإمكان الاستنتاج في ضوء ما جرى يوم الثلاثاء الماضي أن خــريف هؤلاء قد بدأ!

* كاتب وسياسي - اردني