صراعات حزب الله!

نشر في 16-12-2007
آخر تحديث 16-12-2007 | 00:00
 صالح القلاب

حسم مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي صراعاً داخل «حزب الله» اللبناني بين حسن نصرالله ونعيم قاسم رجل حرس الثورة الإيرانية الأكثر تشدداً، والذي لم يُكشف النقاب عن أسبابه، بالانتصار للطرف الأكثر تشدّداً بعد أن ساد الاعتقاد بأن هذا الأمر يعود إلى التباين الذي بدأت تتسع شقته بين سورية وإيران، والذي انعكس انعكاساً مباشراً على الساحة اللبنانية.

ما هو غير معروف لكثير من الناس أن «حزب الله» اللبناني هو فرع لـ«حزب الله» الإيراني الذي تشكّل في وقت متقدّم بعد انتصار الثورة الإيرانية ليكون ذراعها في الداخل والخارج، ولذلك وبهذا المعنى فإن لبنان من خلال هذا الحزب بات يعتبر ساحة إيرانية عسكرية وسياسية ومذهبية، وهذا شيء معلن وليس سراً من الأسرار.

ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة أن آخر ما قيل في هذا المجال أن مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي قد حسم صراعاً داخل «حزب الله» اللبناني بين أمينه العام حسن نصرالله ونائب أمينه العام نعيم قاسم بتعيين هذا الأخير قائداً للجناح العسكري للحزب المذكور، ووكيلاً له في لبنان وفلسطين، وهذا معناه أن نصرالله غدا ثانوياً، وأن كل الأمور باتت في يد خصمه الذي يوصف بالتشدد والقسوة والنـزعة الهجومية.

لم يُكشف النقاب عن أسباب هذا الصراع الذي حسمه خامنئي بالانتصار للطرف الأكثر تشدّداً لكن يسود الاعتقاد أن هذا الأمر يعود إلى التباين الذي بدأت تتسع شقته بين سورية وإيران، والذي انعكس انعكاساً مباشراً على الساحة اللبنانية، فالشيخ حسن نصرالله رغم أن مرجعيته في طهران فإنه يعتبر رجل دمشق أو على وجه الدقة رجل الأجهزة الأمنية السورية في بيروت، بينما يعتبر نعيم قاسم رجل حرس الثورة الإيرانية الأكثر تشدداً، وأنه بالتحالف مع الرجل الغامض عماد مغنية يشكّل مركز القرار الحقيقي في هذا الحزب الذي يشكّل بأسلحته وجيوشه واستخباراته ومخابراته دولة داخل الدولة اللبنانية.

بهذا القرار يكون «الولي الفقيه» في طهران قد حسم الأمر، فـ«حزب الله» اللبناني هو في الأساس فيلق عسكري، معظم ضباطه الكبار من حراس الثورة الإيرانية، ولذلك فإنه عندما يكفُّ يد حسن نصرالله عن الجانب العسكري لهذا الحزب وتصبح مهماته مقتصرة على الإرشاد والتوجيه والتحدث في المناسبات الدينية فإن هذا يعني أنه « شُطِبَ « نهائياً وأن دوره بات يقتصر على المهمات الثانوية.

والسؤال هنا هو عن مغزى أن يشمل تكليف «الولي الفقيه» لنعيم قاسم، بالإضافة إلى قيادة الجناح العسكري لـ«حزب الله» وكل «حزب الله» جناحٌ عسكري، أن يكون وكيلاً له في لبنان وفلسطين: لماذا فلسطين المعروف أنه لا يوجد فيها إلا المذهب الشافعي، وأنها منذ أن ألغى صلاح الدين الأيوبي «التشيع» في منطقة بلاد الشام كلها بالإضافة إلى مصر لم يعد للمذهب الشيعي أي وجود فيها؟!

قبل نحو عام تقريباً نشرت الصحف الفلسطينية والأردنية نبأً عن إنشاء مجلس أعلى للمذهب الشيعي في فلسطين مقره مدينة نابلس في الضفة الغربية، وقد ثبت أن الذي كان وراء هذه المحاولة التي أحبطتها السلطة الوطنية رجل جرى تنظيمه في السجون الإسرائيلية من قبل سجناء مـن حزب الله اختطفهم «الموساد» الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وهذا يعني أن هناك مشروعاً لـ«تشييع» فلسطين أصبح نعيم قاسم مسؤولاً عنه والمشرف على متابعته بالإضافة إلى مهماته العسكرية.

إن المشكلة هنا ليست في «التشييع» نفسه، فأهل السنّة حتى بمن في ذلك اثنان من أئمتهم كانوا يتعاطفون مع «آل البيت» ويؤيدونهم، إن المشكلة تكمن في أن هذا التشيع أصبح دعوة سياسية وأنه غدا مقترناً بتطلّعات إيران المعلنة لمد نفوذها إلى الإقليم كله، وهذا معناه أن الفتنة المحتدمة في العراق التي هي فتنة سياسية، وإن هي أُعطيت غطاءً شيعياً–سنياً، تجري محاولات جدية لنقلها إلى مناطق لا تعرف الصراع المذهبي ولا الطائفي ومن بينها فلسطين التي هي بحاجة إلى توحيد الجهود كلها لتحقيق ولو الحد الأدنى من حقوق وأهداف الشعب الفلسطيني المشروعة.

*كاتب وسياسي أردني

back to top