Ad

إرادة الحرية... والاستقلال... والتقدم...هي الثلاثية القيمية التي أخذت منها وبسببها المشروعية الجماهيرية الأولى... المشروعية التي لن تدوم لأي كان إذا ما قرر الخروج على هذه الثلاثية الممتدة جذورها عميقاً في كيان الوطن كما في المنظومة الدينية!

تسعة وعشرون عاما بالتمام والكمال مرت، والحدث لايزال هو الحدث... حرية... استقلال... تقدم... هكذا كانت مطالب الشعب الأساسية منذ مئة عام ونيف، وهكذا كانت أيضاً شعارات ثورة الإصلاح الفكري والاجتماعي والسياسي في إيران في آخر تبلور لها بقيادة الراحل الكبير والعارف المحيط بأسرار هذا التطابق بين المطالب والشعارات حتى تمكن من إنجاز المهمة وتحقيق الهدف!

إنها ثورة الخطاب الفكري المتجدد بقيادة الزعيم الاستثنائي والمجدد آية الله روح الله الموسوي الخميني لاتزال «نضرة» كما هي، وكأنها تدوّن وقائعها في العام الأول من عمرها، والسبب في تلك الطراوة بلا تردد هو هذا التطابق الذي نتكلم عنه والذي يشهد له كل المتتبعين والمراقبين من أصدقاء أو خصوم!

فلا إمكان لنجاح أي ثورة ما لم تتطابق الشعارات المرفوعة لها مع المطالب الشعبية التاريخية، ولا إمكان لدوام واستمرارية أو بقاء أي ثورة ما لم تحافظ على هذا التطابق!

حراك دائم وتجاذب في كل شيء وبكل اتجاه وتعدد وتنوع في القراءات كما في الاستنباط كما في الاجتهاد لكن العين بقيت رغم ذلك شاخصة نحو الهدف الأسمى الذي من أجله انطلقت الثورة، والذي من أجله لاتزال طرية ونضرة:

إنها إرادة الحرية... والاستقلال... والتقدم...

محافظون... إصلاحيون... يمينيون... يساريون... أصوليون... وإلى ما شاء الله من العناوين أو التسميات أو السمات أو الوصفات التي ترمز إلى هذا الحراك الحي والمتنوع للشعب الإيراني الذي سوف تراه يجمع في اللحظة التاريخية المناسبة على الأهداف العليا الآنفة الذكر، ولا يستطيع التحرر منها أو الحياد عنها مادام يرتجي تحقيق بعض النجاحات هنا أو هناك أو حتى مجرد اقتناص بعض أصوات الناخبين في الانتخابات الدورية، فضلاً عن تحقيق إجماع وطني أو ديني من حوله!

إنها القيامة الإيرانية المتجددة التي تعلمت كيف تبدل جلدها أكثر من مرة وعرفت كيف تعيد إنتاج السلطة أكثر من مرة، لكنها لم تغير من جوهرها قط، بل العكس تماماً أي التشبث أكثر فأكثر بالثلاثية القيمية التي أخذت منها وبسببها المشروعية الجماهيرية الأولى... المشروعية التي لن تدوم لأي كان إذا ما قرر الخروج على هذه الثلاثية الممتدة جذورها عميقاً في كيان الوطن كما في المنظومة الدينية!

هذه المشروعية التي تعلم الحاكم الإيراني كيف يجددها وهو منحنٍ أمام الشعب خاضعٌ لمزاجه العام يلتمس العفو من الناخب لما لم يتحقق من الأهداف ويمنّيه بمزيد من العمل والسعي من أجل الذهاب بعيداً مهما كانت الصعاب من أجل تحقيق كل الأهداف، وليس متجبراً أو متعالياً أو متفاخراً عليه بما حققه من أهداف هي في الواقع من إنجازات الشعب أولاً وأخيراً، وما المسؤول والموظف والوزير والقائد أيا تكن رتبته ويعلو مقامه إلا خادم بين يدي الشعب!

حتى القيامة الدينية التي كانت ولاتزال وراء كل هذا الإنجاز من التطابق بين الشعارات والمطالب الشعبية هي الأخرى لم تكن لتتحقق في الواقع لولا أن رائدها الأول قد قدم تفسيراً واجتهاداً وقراءة للإسلام، وهو دين الأكثرية للشعب بما يساوي الحياة... حتى إذا ما دعاهم داعي الكفاح والنضال والنهضة والانتفاضة من أجل الدين لم يروا فيها إلا تطابقاً مع مقولة ودعوة القيام من أجل الحياة... إنها منظومة متكاملة تتفاعل أبعادها وتتناسق وتنظر إلى الدنيا من حولها بعيون ثلاث لامناص من الحفاظ عليها كما الحفاظ على حدقة العين الواحدة ألا وهي العقل والعزم والعلم!

في مثل هكذا ظروف وفي مثل هكذا شروط وحيثيات يصل قطار الثورة الإسلامية الى محطة أحمدي نجاد وهو في أقوى درجات سرعته الحضارية رغم كل المعوقات والإشكاليات الفنية الثانوية هنا وهناك، والتي تبقى محمولة مادام اتجاه البوصلة لسير القطار لم يخرج عن السكة العامة حتى الآن!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني