Ad

الحقيقة تقول، إن الأحرار والحرية في العراق ينتصرون، والإرهاب والإرهابيون يخسرون، وإليكم بعض أوجه هذه الحقيقة الماثلة أمامنا الآن: جفاف ضرع «القاعدة» العراقي في الأنبار، وانتفاضة العراق ضد الإرهاب في ما عُرف بـ«مجالس الصحوة»، وعدم اقتصار مجالس الصحوة على العشائر السُنيّة فقط، بل تعدتها إلى صحوة العشائر الشيعية في جنوب العراق.

بعد أربع سنوات من جهاد العراقيين في سبيل الحرية، يبدأ ربيع العراق يختالُ ضاحكاً. وبعد كل هذه الدموع والحسرات والتضحيات تبدأ أزهار الحرية في العراق تتفتح.

من راهنوا على مستقبل حرية العراق كسبوا، ومن راهنوا على انتشار الفوضى وسيادة الإرهاب وعودة حكم الطغيان في العراق خسروا. وهزيمة الإرهاب في العراق، هي هزيمة للإرهاب في الشرق الأوسط كله.

الإرهابيون في العراق من كل الجنسيات، ومن مختلف الطوائف والملل والنِحل، اعتبروا العراق طيلة السنوات الأربع الماضية، الحضن الدافئ لتفريخ بيضة دولة طالبان الجديدة في العراق.

العراق الجريح يتماثل للشفاء

بعد أربع سنوات من جهاد العراقيين في سبيل الحرية، تبدأ الطيور العراقية المهاجرة تعود إلى أعشاشها المهجورة، بعد أن هاجمها القنّاصون الإرهابيون، وأرغموها على الهجرة والشتات في كل بقاع الأرض.

العراق الجريح الآن، وبعد أربع سنوات، يتماثل للشفاء، ويبدأ فترة نقاهة صحية وسياسية وأمنية واقتصادية، يستردّ فيها بعض عافيته، بعد أن دفع ثمناً غالياً لحريته وديموقراطيته.

والعراق المتعافي اليوم والماثل للشفاء السريع، سيكون درساً بليغاً لباقي شعوب المنطقة في كيفية الحصول على حريتها وديموقراطيتها.

ليس كلام شعراء ولكنه الحقيقة

لقد راهن كثيرون على فشل مشروع الحرية والديموقراطية في العراق فخسروا، وها هي خسارتهم تتمثل في عودة الهدوء والأمان إلى العراق تدريجياً، وعودة المهاجرين... عودة الروح.

ولقد راهن عقلاء قليلون على نجاح وانتصار مشروع الحرية والديموقراطية في العراق فربحوا، وها هو ربحهم يتمثل في عودة الأمل والحب والحياة إلى قلوب العراقيين في الداخل والخارج.

كلامنا هذا ليس من وحي الشعر، ولا من وحي الخيال، ولكنه من وحي الحقيقة التي تتجلى الآن على أرض العراق، بعد أن فقدت «القاعدة» وفقد الإرهابيون حاضنتهم الشعبية في العراق، التي توهمت أنه بمثل هؤلاء اللصوص يمكن للعراق أن يرغم قوات الحلفاء على الانسحاب من العراق.

فالحقيقة تقول، إن الأحرار والحرية في العراق ينتصرون، والإرهاب والإرهابيون يخسرون، هكذا بكل بساطة، وإن عودة الروح بدأت في العراق، وإليكم بعض أوجه هذه الحقيقة الماثلة أمامنا الآن:

1 - كما ذكرنا في مقالاتنا السابقة على هذه الصفحة قبل أسبوعين، تعليقاً على خطاب بن لادن الأخير الذي نعى فيه «القاعدة»، وأعلن بحزن بالغ وعميق، أفول شياطينها، وجفاف ضرعها العراقي في الأنبار، الذي كان يدرُّ يومياً العسل واللبن لغربان الكهوف في تورا بورا، عن طريق «الأتاوات» التي فرضتها عناصر «القاعدة» على الشعب العراقي باسم لصوص المقاومة. وفي هذه المقالات تنبأنا بنُذر سقوط «القاعدة» وبنُذر نهاية موجات الإرهاب في العراق، وقد كان. وها هو الربيع السياسي والأمني يعود إلى العراق، وقصة لصوص الإرهاب الذين قال عنهم معظم الإعلام العربي إنهم «مقاومون شرفاء» فضحهم الشيخ أحمد أبوريشة شقيق الشيخ الراحل المغدور عبدالستار أبوريشة رئيس مؤتمر صحوة العراق لعشائر الأنبار. فمنطقة الأنبار كانت مرتعاً وحضناً دافئاً لأعشاش دبابير «القاعدة» وعاصمة دولتهم العنكبوتية «دولة العراق الإسلامية»، فقامت عشائر الأنبار النبيلة وجموع الشعب العراقي النبيل بطرد «القاعدة» من الأنبار، وهدم دولتهم العنكبوتية. ويروي الشيخ أحمد أبو ريشة قصة لصوص الإرهاب في الأنبار الذين كانوا على استعداد لاغتيال أي أحد كان مقابل مبالغ معينة ضماناً لمواردهم المالية، التي جاءوا إلى العراق من أجل تعزيزها، بقوله: اغتالت «القاعدة» الشيخ عبدالستار أبوريشة بواسطة حارسه الشخصي مقابل مئة ألف دولار كما اعترف القاتل (العربية. نت، 19/11/2007). ويتابع أحمد أبوريشة قوله: «كانت عناصر الإرهاب الدينية المسلحة المختلفة، «ومنها الحزب الإسلامي التابع للإخوان المسلمين الذي كان يدفع أتاوات للقاعدة»، تفرض الضرائب على الدوائر في الأنبار، إضافة إلى الأتاوات المفروضة على المقاولين ورجال الأعمال. وبعد أن توقف تحصيل هذه الضرائب والأتاوات، تبرأ منهم بن لادن».

2 - إن انتفاضة العراق ضد الإرهاب في ما عُرف بـ«مجالس الصحوة» التي بدأها شيوخ السُنّة الذين اتُهموا في السنوات السابقة باحتضان عناصر الإرهاب، كانت أهم من سقوط دولة الظلم والاستبداد فجر التاسع من أبريل 2003. فهذه المجالس هي التي ضمنت للعراق اليوم تحقيق حريته وديموقراطيته. لقد كان سقوط دولة صدام هو الفاتحة، وسقوط دول الإرهاب العنكبوتية هو الخاتمة لسقوط دولة صدام. فعدد المنتسبين إلى هذه المجالس بلغ 70 ألف رجل عراقي حر يقاتلون إلى جانب القوات العراقية. وهذه المجالس هي التعبير الشعبي التلقائي الأصيل عن المصالحة العراقية التي يتحدث عنها الجميع، والتي تجاوزت إجراءات المصالحة التي تسعى إليها الحكومة العراقية لمعالجة الشرخ الطائفي الذي أحدثته عناصر الإرهاب في العراق بمساعدة إيران وسورية بالدرجة الأولى، والظاهرة المفرحة والسارة هي انضمام شيعة العراق إلى السُنّة في «مجالس الصحوة» و«مجالس العشائر» كما أفادت تقارير مختلفة. ولا يخفى أن هذه المجالس تدعمها الإدارة الأميركية سياسياً ومالياً، ويدعمها الجيش الأميركي سلاحاً ولوجستياً كما اعترف بذلك سعد عريبي العبيدي (أبو العبد) زعيم «صحوة فرسان الرافدين»، الذي كان ضابطاً في الجيش العراقي ثم تحوّل إلى قائد لفصائل «الجيش الإسلامي» (أحد أكبر المجموعات الإرهابية) ثم تاب وأناب، بعد أن أدرك أن «القاعدة» هي العدو الأكبر للعراق (جريدة «الحياة»، 19/11/2007). وهذا ما دعا محمد بشار الفيضي الناطق باسم «هيئة علماء المسلمين» في العراق إلى القول إن «الصحوات في المناطق السُنيّة جزء من مشروع أميركي، هدفه القضاء على «المقاومة العراقية» ضد الاحتلال الأميركي، وليس الحرب على «القاعدة». وهذا أمر طبيعي فيما لو علمنا أن «هيئة علماء المسلمين» في العراق كانت تعتبر «القاعدة» جزءاً منها، حين قال حارث الضاري رئيس «هيئة علماء المسلمين» صراحة إن «القاعدة منا ونحن منها» (قناة «الجزيرة»، 6/10/2007).

3 - ولم تقتصر مجالس الصحوة على العشائر السُنيّة فقط، بل تعدتها إلى صحوة العشائر الشيعية في جنوب العراق أيضاً ولأول مرة، فقد صدر بيان عن هذه العشائر، وقّع عليه 300 ألف من أبناء العشائر في الجنوب، بينهم 14 رجل دين، و600 شيخ عشيرة. وجاء في هذا البيان الذي صدر ضد التدخل الإيراني في العراق بشكل خاص، اتهامات خطيرة لإيران، منها أن «الخناجر الأكثر تسميماً غرزتها إيران في خاصرة الشيعة العراقية»، ومنها أن «إيران تستغل المذهب الشيعي بشكل مخجل لتحقيق نيتها الشريرة». ومنها أن «إيران تستهدف مصالح العراق العليا وتخطط لتقسيم العراق». وطالب هذا البيان الأمم المتحدة بدراسة ما ارتكبه النظام الإيراني من جرائم في العراق. وقد أيَّد هذا البيان «التجمع الجمهوري العراقي» المعارض بشدة للتدخل السوري – الإيراني في العراق.

نعم، لقد بدأت بهذه الخطوات الصحويّة، عودة الروح إلى العراق.

* كاتب أردني