إنما تأسى على الحب النساء!
ما رأيته ومازلت أراه هو أن الكثيرمن الناس على اختلاف مشاربهم أصبحوا يربطون (حدس) بالوصولية والميكافيلية واللعب على الحبلين للأسف
بلغني ضيق البعض من مقالاتي الماضية، حيث قيل لي إنهم قد وجدوا فيها تجنياً واستهدافاً للحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، وبالرغم من أني اتخذت على نفسي عهداً منذ زمن بألا أشغل هذه الزاوية بمقالات الردود، إلا أنني سأتغاضى اليوم عن هذا العهد، ليس من باب المجاملة لأحد، إنما بقصد وضع النقاط على الحروف!لا أبالغ في القول إن لي من (حدس) أصدقاء وإخوة أكثر من أي جماعة أخرى، وإنه تربطني بأغلب، إن لم يكن كل، الناشطين المعروفين من هذه الحركة علاقات طيبة ومتميزة، لكن محبتي وصداقتي لهؤلاء لاعلاقة لها بتاتاً بما أكتبه عنهم كجماعة سياسية، لأني حينما أحمل القلم أضع المشاعر جانباً، وأعرض بضاعتي عبر منظار عقلي متجرد عن العاطفة، ففي السياسة لامجال للعواطف والمجاملات، وقد يذكر البعض منكم أني كتبت مقالات نقدية شديدة عن الحركة السلفية يوم كنت عضواً ناشطاً فيها منذ سنوات، وعن التيار الإسلامي لأكثر من مرة، وأنا ابن لهذا التيار. عندما تختلط الأحكام العقلية بالمشاعر فإن ذلك يعني تقديم التنازلات، وبعض الأشياء لا تحتمل أن تكون عرضة للتنازلات، ومنها كلمة الحق!ولا شك عندي أن الناضجين من (حدس) يدركون هذه الحقيقة لأنهم من أهل السياسة ومحترفيها، ولا أشك كذلك أنهم يعلمون أن المقياس الأهم في الأول والآخر، هو مسطرة العدل، ذلك العدل الذي جاء في قصة الأعرابي قاتل شقيق عمر بن الخطاب الذي جاء على عمر بعدما أسلم، فقال له عمر، وكان خليفة المسلمين حينها: والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم، فأجابه: يا أمير المؤمنين، أويمنعك هذا من إعطائي حقي؟، فقال عمر: لا، فقال الأعرابي: والله لا أبالي، فإنما تأسى على الحب النساء، وأظن أنه حتى النساء اليوم، وبعدما صرن جنباً إلى جنب مع الرجل في عالم السياسة، قد أصبحن يدركن أن لامجال للعواطف والمشاعر في السياسة.خلاصة القول هي أني لست سوى كاتب يعرض بضاعة يراها الحق، وما قلته عن (حدس) هو الحق في نظري بعدما لمسته من كثير من الناس، وإن كنت كتبت ما كتبت فلاداعي لأن يستاء أحد أو يتضايق، فغيري كتبوا عكسه، ومن حق الجميع أن يكتبوا ما يحلو لهم مما يظنون أنه الحق، وللناس أعين تبصر بها وقلوب تعقل بها.وأنا وإن كنت لا أزال أرى الحق فيما كتبت، فرأيي في النهاية كما قال الشافعي: صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، والمحك يبقى في ما يقوله الجمهور، وما رأيته، ومازلت أراه، هو أن الكثير من الناس على اختلاف مشاربهم أصبحوا يربطون (حدس) بالوصولية والميكافيلية واللعب على الحبلين، للأسف، فنسأل الله السلامة لنا وللجميع!