فالتوه!

نشر في 27-02-2008
آخر تحديث 27-02-2008 | 00:00
 أحمد عيسى من بعيد، الصورة تزداد غبشاً، وبقدر المسافة يكون التجرد، لكن مع الكويت، يبقى الوضع مختلفاً تماماً، كالعادة.

الكويت تزيد متابعيها سقماً، ومحبيها بؤساً، فمشروع الدولة فشل بجدارة، ونموذجنا الديموقراطي اختُصر بانتخابات البرلمان، ومقابلها اُنتهكت الحريات، وغاب القانون، وانهارت الدولة من الداخل، وتحول مجلس الأمة إلى مضارب رئيسي في هذا المزاد، لا تستطيع معه الحكومة حملاً، والحال السياسية تتجلى بما يطرح من قضايا.

خلال أسبوع واحد فقط، ضيّق بعضهم دائرة المواطنة، بهدف إقصاء مجموعة من السياسيين، وراحت تنضح الصحف اليومية ببيانات قميئة، شرخت جدار الوحدة الوطنية، قبل النفوس، وخرج من يزايد علينا بالوطنية، ليؤكد أن الكويت تتسع للجميع، وأن الشيعة أيضاً يحق لهم العيش كمواطنين من الدرجة الأولى.

هكذا هي الأمور في الكويت، المواطنة تُختزل ببيان صحافي، وتُضفى بموجب تصريح، وبمقال تُسقط الجنسية، في غياب ملموس لوزارة الإعلام، المسؤولة قانوناً عما ينشر في الصحافة، خصوصاً في جزئية المساس بالوحدة الوطنية.

غاب القانون، لأن الدولة «تشخصنت»، وحل الفرد بديلاً للمؤسسات، وهذا طبعاً يحدث لأن المؤسسات المفترض فيها إدارة الدولة، فاقدة للأهلية السياسية، فالبرلمان يطالب بزيادة الرواتب، وإسقاط القروض، وإلغاء مستحقات المواطنين لدى الجهات الحكومية، ويتصرف باحتياطي مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فقط لأن النواب يريدون رشوة ناخبيهم على حساب المال العام، بهدف التجديد لهم في الانتخابات المقبلة.

أما مجلس الوزراء، فيدخل المزاد متأخراً، ويقرر زيادة الموظفين، ويوقف النظر في الكوادر المالية، لأنه يعكف على تقرير مع البنك الدولي، وينتهي التقرير إلى عدم وجوب زيادة موظفي القطاع الحكومي، فيقرر زيادة الجميع، عامّاً وخاصّاً وحاصلين على مساعدات ومتقاعدين، مكلفاً ميزانية الدولة مليار دينار سنوياً، فقط لأن الحكومة غير قادرة على وضع حد لارتفاع الأسعار، أكرر الكويت ستخسر سنوياً مليار دينار، لعدم قدرة الحكومة كبح جماح الغلاء، ثم يعود مجلس الوزراء بعد كل هذا، ويقرر منح كوادر مالية سبق أن أوقف النظر فيها.

أيمم شطر المجلس البلدي، وهو الجهة الرقابية على مستوى المدينة، فأجده يصّعد على لجنة إزالة التعديات، لأنها تقوم بعملها، وستزيل مخالفات ارتكبها نواب ووزير في الحكومة على أملاك الدولة، وندخل في نقاش حول مسألة تطبيق القانون، وما إذا كان البلد «فالتوه» من عدمه، فقط لأن الجهة الإشرافية على تطبيق القانون، لا تريد تطبيقه.

المشهد من بعيد مزعج جداً، ومن الداخل مؤلم بقسوة، وحالة الفلتان التي نشهدها تدعو إلى التأمل، والتساؤل ما إذا كان المستقبل سيكون أفضل، وهو ما أرجوه، عكس ما تبديه المعطيات، والواقع العبثي الذي نعيشه، بعد فشل مشروع الدولة، وتحولها إلى ما يشبه «العزبة».

back to top