إذا ما قرأنا الخطاب الأميركي الراهن وحماس الظواهري وحديثه المفاجئ عن «أطماع إيران في العراق والجزيرة العربية وتمددها باتجاه حلفائها في الجنوب اللبناني»! وحرص الليبراليين العرب المستجد على عروبة العراق أيضاً، ومقولات أخرى يرددها بعضهم في هذا السياق، سنعرف عند ذلك ونتأكد أن المطلوب هو استعداء إيران وحشد العرب والرأي العام العالمي ضد خطر إيراني مزعوم وليس الدفاع عن عروبة العراق!قبل توجهها إلى المنامة في طريقها إلى اجتماع دول الجوار حول العراق دعت السيدة كوندوليزا رايس الدول العربية إلى ما سمته بـ«تعزيز هوية العراق العربية»، موضحة نصيحتها بالقول إنه: «يجب إعادة دمج العراق في العالم العربي، لأن هذا الأمر بحد ذاته سيساهم في الحماية من النفوذ الإيراني»، مستدركة بالقول: «طبعا إيران دولة جارة وذات تأثير لا يمكن إنكاره... لكن العراق قبل كل شيء دولة عربية»، وهي تصريحات وضعها المراقبون في خانة... كاد المريب أن يقول خذوني!
فمنذ متى كان العرب أو المسلمون ودول الجوار العراقي في شك في عروبة العراق؟!
ومَن هو الذي اعتدى على عروبة العراق أولاً ومن ثم على هويته وتاريخه ومتحفه وعلمائه؟ وقد كشف الرئيس الأسد قبل أيام فقط أن وزير خارجية أميركا السابق كولن باول طلب منه بعد الغزو مباشرة أن تمتنع سورية عن استقبال العلماء العراقيين... ربما أيضا في سياق دمج العراق في العالم العربي!!
هل هي صحوة أميركية متأخرة؟! أم ندم على فعلة لم يكونوا يعرفون أبعادها؟!
لقد كان الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي أول من عرض، ومبكراً جداً، اجتماعاً لدول الجوار العراقي إلى جانب مصر والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي برعاية الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان وذلك منعاً للحرب وتجنب ويلاتها، وهو ما من شأنه أن يحافظ على سيادة العراق ووحدة أراضيه وعروبته وإسلامه وحسن علاقته بدول الجوار بالتأكيد، لكن مَن رفضت وقتها بشدة مثل هذا الاقتراح ووأدت الفكرة في مهدها هي الحكومة الأميركية بالرغم من حماس الأمين العام وتشجيعه!
فلماذا اليوم هذا الحماس المتأخر وغير المعهود من جانب أميركا لعروبة العراق؟!
إذا ما قرأنا حماس الظواهري في هذا السياق أيضا وحديثه المفاجئ عن «أطماع إيران في العراق والجزيرة العربية وتمددها باتجاه حلفائها في الجنوب اللبناني»! وحرص الليبراليين العرب المستجد على عروبة العراق أيضا، وهم الذين كانوا يتهمون المدافعين عن عروبته أو إسلامه عشية الغزو والحرب عليه بـ«القومجية» و«الإسلاموية» و«الغوغائية» المعادية لفكرة تحرير العراق وديموقراطيته العتيدة!
وتذكرنا مقولات «أخطار التمدد الصفوي على لبنان» لأبطال ثورة الأرز والاستقلال والسيادة والحرية من اللبنانيين الجدد!
وكذلك مقولة «الخطر الداهم على العرب من جانب الهلال الشيعي» التي يتم تجديدها كلما استجدت الحاجة إلى الحشد ضد المرشحة الجديدة للعدوان أي الجارة إيران!
نعرف عند ذلك ونتأكد أن المطلوب هو استعداء إيران وحشد العرب والرأي العام العالمي ضد خطر إيراني مزعوم وليس الدفاع عن عروبة العراق!
وإلا لماذا هدمت الإدارة الأميركية ودمرت وفككت الدولة العراقية وجيشها وشرطتها والبنى التحتية كلها لهذا البلد العربي المظلوم ولايزال المندوب السامي الشهير بريمر يدافع عن قراراته كلها تلك ويعتبرها عين الصواب ورايس لا تنبس ببنت شفة؟!
ثمة من يقول إن مهمة الهدم في العراق وكسب المليارات من الأرباح من وراء ذلك، قد وصلت إلى طريق مسدود وإن المطلوب الاستعداد لمهمة هدم وكسب جديد!
ومن أجل ذلك فإن المقدمة الطبيعية هي اختلاق «إيران فوبيا» يشارك في الحشد لها ليس الأميركيون فقط، بل وجههم الآخر أي «القاعديون»، و«ثالثهم» من جماعة المنبهرين بديموقراطية واشنطن من الليبراليين الجدد، أيضاً!
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني