حكومة... قرقيعان!!

نشر في 31-10-2007
آخر تحديث 31-10-2007 | 00:00
 سعد العجمي

حملة التصعيد المنتظرة من قبل كتلة «العمل الشعبي» نتيجة ما جرى، هي حملة مبررة، على اعتبار أن السلطة بتصرفاتها أصبحت لاعباً جيداً في فتح الجبهات والمعارك الخاسرة، ولديها قدرة مغناطيسية رهيبة لجذب المزيد من العداوات السياسية.

عملية التجميل التي أجراها الشيخ ناصر المحمد في إطار ترتيب البيت الحكومي، ذكرتني بعُلب «القرقيعان» التي تحوي أنواع المكسرات والحلويات كافة، فلست أدري ما هو الرابط الفني والسياسي أو وجه الشبه والعلاقة بين وزارتي المواصلات والأوقاف من جهة، وكذلك بين وزارتي الشؤون والعدل، لتُضمّ في حقيبة وزارية واحدة، ناهيك عن أسماء بقيت برغم الملاحظات الكثيرة على أدائها الوزاري، وأخرى دخلت إلى الواجهة السياسية من باب التعيين، بعد أن فشلت في الحصول على ثقة الناخبين في استحقاقات انتخابية سابقة!!

وفوق هذا كله، فإن التغير أو التعديل أو حتى التشكيل الجديد، سموه ما شئتم، حمل في طياته نذر مواجهه مرتقبة مع بعض الكتل النيابية والقوى السياسية، نظراً لتسجيله سابقة دستورية قد تكون وقوداً لأزمة أكثر شراسة وجدلاً من أزمة التركيبة الوزارية ذاتها، تمثلت في تدوير الوزير بدر الحميضي للهروب من مواجهة استجواب ابو رمية.

كنت، ومازلت، متحفظاً على طريقة وتوقيت استجواب الحميضي، لكن الخيار الحكومي في تفادي هذا الاستجواب مرفوض جملة وتفصيلاً، فما حدث باختصار هو استخفاف بالإرادة الشعبية، ومصادرة لحق الأمة عبر ممثليها في محاسبة المقصرين من الوزراء. والأخطر من هذا كله أنه يؤسس لسابقة خطيرة تكمن في الالتفاف على نصوص وروح الدستور الذي يحكم العلاقة بين السلطتين، وقبل ذلك وبعده يحكم علاقة الحاكم بالمحكوم.

إن حملة التصعيد المنتظرة من قبل كتلة «العمل الشعبي» نتيجة ما جرى، هي حملة مبررة، على اعتبار أن السلطة بتصرفاتها أصبحت لاعباً جيداً في فتح الجبهات والمعارك الخاسرة، ولديها قدرة مغناطيسية رهيبة لجذب المزيد من العداوات السياسية، كما أن تلك الحملة ستشهد فرزاً للمواقف السياسية لبعض التيارات، لاسيما التيار السلفي الذي ستصبح مصداقيته على المحك، فإما «التخندق» مع «حشد» لإثبات أن قضية استجواب المعتوق كانت في إطار سياسي شامل وعام هو «الإصلاح»، ومن ثم متابعة تداعيات ما حدث والاستمرار في ذلك إلى أبعد مدى، وإما الاكتفاء بالاستقاله فقط وحصر ردة الفعل في هذا الإطار، وهنا سيتضح للشارع أن الموضوع مجرد قضية شخصية مع المعتوق لا علاقة لها بالإصلاح.

في المقابل، على كتلة «العمل الوطني» والتيار المدني بوجه عام، عدم الانخداع بما يروجه بعضهم بأن الصبغه الليبرالية طغت على التشكيل الجديد، وبالتالي فإن «الوطني» هو المستفيد الأول، فهذا مجرد ذرّ للرماد في العيون. فلا اعتقد أن مثل هذا الطرح ينطلي على رموز الكتلة، الذين يجب عليهم إدراك أن التحالف مع حكومة هذه خياراتها وتلك حدود نظرتها في التعامل مع الأزمات، هو خسارة فادحة بكل المقاييس السياسية والشعبية وحتى الأخلاقية، فهذا زمن «الإرادة الشعبية» وليس زمن «الصفقات الحكومية».

* * *

إلى المعتوق مع التحية

رفضك تقديم استقالتك، وإصرارك على صعود منصة الاستجواب للدفاع عن نفسك... موقف تاريخي يسجل لك، ومثلما كانت إقالتك تاريخية، فإن موقفك تاريخي أيضاً، فأنت الوزير الوحيد الذي منحه الشعب صك البراءة من التهم برغم أنه لم يصعد منصة الاستجواب... اختلف كثيرون حول أدائك الوزاري خلال وجودك في الحكومة، لكن بالنسبة إليّ فإنك بعد هذا الموقف بتّ في عداد الرموز الوطنية من الوزراء السابقين كخالد المسعود ويوسف النصف وأنس الرشيد وغيرهم.

back to top