وجهة نظر: التضخم الجامح... الخطر القادم
التضخم ظاهرة خطيرة، وهو الآفة اليومية التي بدأت تنخر في رواتبنا ومدخراتنا، وتزحف علينا بشكل أخذ يرهقنا ماديا بلا استثناء، حيث أفقد هذا التضخم دينارنا من قوته وقدرته الشرائية، وبشكل يبعث على القلق من مستقبل أسعار السلع والخدمات والعقار خلال الأشهر القادمة.
وهذا التضخم الزاحف سيتراكم ويتصاعد تدريجيا، وسيكون أثره جامحا جدا وشديدا على الأسعار، التي نتوقع - لكن لا نتمنى - أن نفقد السيطرة عليها، حيث إننا مقبلون على زيادة الرواتب والأجور خلال فبراير 2008، وهذه بالتأكيد سوف يدفع بالتضخم المحلي إلى مستويات قياسية، بشكل سيفقد البعض صوابه وسيؤثر بنا كثيرا، لأن تضخمنا أصبح جامحا خارج نطاق السيطرة، والخوف ايضا من أن يتزامن هذا مع تغيير البنك المركزي في سياساته النقدية ويخفض سعر الفائدة، مما سيزيد الطين بلة. والبنك المركزي يملك الأدوات النقدية والمالية للحد وإبطاء من سرعة التضخم، لكنها لن تعالجه بشكل تام، لأن هذه الارتفاعات ليست بسبب زيادة السيولة النقدية فقط، لكن بسبب أن تضخمنا مستورد من الخارج ولا نستطيع التحكم به، لعجزنا عن الاستغناء عنه، لأننا مجتمع استهلاكي ونستورد كل شيء من الخارج. لذا على البنك المركزي أن يستمر في سياسته النقدية، بل قد نبالغ بدعوته إلى التشدد بها واتباع سياسة انكماشية ورفع تكلفة الاقتراض، لامتصاص السيولة النقدية، لأن تراخيه وخفض سعر الفائدة سيزيدان من حجم السيولة النقدية بشكل كبير، خاصة أن الحكومة تعتزم رفع سقف الرواتب والأجور، ما سيغرقنا في النهاية في مستنقع التضخم الجامح، وسندفع الثمن غاليا لأن هذا النوع من التضخم لديه القدرة على تدمير القوة الشرائية لأي وحدة نقدية، أيا كان مصدرها. وختاما، نحب ان نشير إلى إحدى صور التضخم الجامح الذي نتلمسه يوميا، وهو الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات وأسعار الوحدات السكنية، حيث دمر هذا التضخم القوة والقدرة الشرائية للدينارن وأصبح من الصعوبة علينا الاقتراب منها مع «الاحتفاظ بحقنا في الحلم بها».