نار الأسعار... وذوو الدخل المحدود
المطلوب من الحكومة واتحاد الجمعيات مراعاة الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود، الذين لا تتعدى رواتبهم سقف الـ 400 دينار شهرياً. وإذا أخذنا في الاعتبار أن معدل أفراد الأسرة الكويتية خمسة أفراد، فلنا بعد ذلك أن نتصور الالتزامات الضرورية التي سيتحملها رب الأسرة.
الغلاء يلتهم ميزانية ذوي الدخل المحدود من المواطنين والمقيمين، إذ يأتي الارتفاع الحالي لأسعار السلع والمواد الغذائية في وقت حرج مع بداية شهر رمضان المبارك وأيضا مع بداية العام الدراسي الجديد وما يتطلبه كل منهما من التزامات أسرية واجتماعية. وكل طرف رسمي يلقي المسؤولية على الطرف الآخر. فوزارة التجارة تتبرأ من المسؤولية، وكذلك فعلت وزارة الشؤون، ومن جانبه يدعي اتحاد تجار المواد الغذائية أنه لا دور له في ذلك، واتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية هو الآخر ليس باستطاعته أن يفعل شيئاً، على الرغم من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية في الجمعيات التعاونية التي شملت من 350 إلى 400 سلعة، بحسب تصريح بعض رؤساء الجمعيات، أو 286 سلعة حسب تصريح رئيس الاتحاد، حيث وصلت نسبة الزيادة في بعضها إلى 60%. ويقال إن أسعار بعض السلع في السوق أرخص منها في الجمعيات التعاونية! وبما أن هنالك صراعاً بين القوى السياسية والقبلية والطائفية للسيطرة على مجالس إدارات الجمعيات التعاونية لأهداف غير تعاونية، فقد دخلت على الخط بعض القوى السياسية للاستفادة من هذا الوضع وتجييره لمصلحتها. طبعاً المسؤولية الرئيسية تتحملها الحكومة لأنها هي التي ترعى مصالح الناس. فوزارة الشؤون مسؤولة عن التحقيق فيما يتداول من حديث بين المساهمين عن الفساد الإداري والمالي في بعض الجمعيات التعاونية، التي «يستذبح» البعض للوصول إلى مجالس إداراتها للوجاهة «والرزة» و «تحسين» الوضع المادي، واستخدامها «كجسر» لمآرب أخرى!! ويزداد الأمر سوءاً إذا ما عرفنا أن هذا البعض لا يحمل من المؤهلات ما يخوله لإدارة «كشك» صغير فما بالنا بإدارة جمعية تعاونية.كما أن اتحاد الجمعيات التعاونية مسؤول أيضا عن عملية ضبط الأسعار، فالاتحاد يمثل قوة اقتصادية لا يستهان بها، لأنه يمثل ما يقارب الخمسين جمعية تعاونية يتبعها ما يزيد على المائة سوق مركزي. لذلك فإن باستطاعته، بل من مسؤوليته، أن يفرض شروطه وأسعاره على الموردين. وليس صحيحاً أن إمكانات الاتحاد محدودة، كما صرح بذلك رئيسه في مؤتمره الصحفي، فالاتحاد يملك إمكانات وموارد مالية ضخمة جداً.نعرف أن هنالك عدم اتفاق شبه دائم واتهامات متبادلة بين اتحاد الجمعيات التعاونية واتحاد تجار المواد الغذائية، وذلك لاختلاف المصالح، كما أنه من الطبيعي أن تكون هناك ضغوط متعددة تمارس على الاتحاد، و هنالك نسبة زيادة سنوية في الأسعار يفرضها التضخم وبعض الأمور الاقتصادية الأخرى. ولكن، وبرغم كل ذلك، فإن زيادة الأسعار الحالية لا يمكن تبريرها، والمفروض أن يكون للاتحاد موقف حاسم من هذه القضية يراعى مصالح المساهمين.إن المطلوب من الحكومة واتحاد الجمعيات مراعاة الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود الذين لا تتعدى رواتبهم سقف الـ 400 دينار شهرياً. وإذا أخذنا في الاعتبار أن معدل أفراد الأسرة الكويتية خمسة أفراد، فلنا بعد ذلك أن نتصور الالتزامات الضرورية التي سيتحملها رب الأسرة، إضافة إلى الالتزامات الاستهلاكية في مجتمع ريعي تنتشر فيه قيم الاستهلاك البذخي التي لا ترحم الفقير؟من ناحية أخرى، فإن ما طالبنا به في مقال سابق، وهو السماح بإنشاء جمعية أو منظمة شعبية لحماية المستهلك يصبح أكثر إلحاحا الآن.