Ad

ما التفسير المنطقي لتكالب الكتاب الإسلاميين من مختلف التوجهات على الكتابة لهذه الصحيفة؟ هل لأنهم يرون مثلا أنها الصحيفة الأصلح للنشر من خلالها؟ أم أنها تقدم لهم تسهيلات صحفية لا يجدونها في غيرها؟ أم أنهم يكتبون فيها انطلاقا من مبدأ «الأستاذ ميكافيللي» بأن الغاية تبرر الوسيلة؟!

يكاد المرء يشهد هذه الأيام إجماعاً أو شبه إجماع بين المهتمين بالشأن العام على فساد إحدى الصحف المحلية، وعلى تشويهها للحقائق بشكل سافر وعلى حقيقة أنها تبث الفرقة الطائفية والفئوية، وأنها لا تتورع عن تحوير، بل وحتى تزوير، الحقائق بهدف خدمة مصالح ملاكها وتوجهاتهم السياسية والاقتصادية! لا يدخل المرء ديوانية أو اجتماعاً عاماً، إلا ويشهد نقداً شديداً في حق هذه الصحيفة وما تنشره، وفي حق كتابها!

لكن المفارقة الغريبة والشيء غير المفهوم، والحالة ما ذكرت أعلاه، هو أن أكبر مجموعة من المحسوبين والمحسوبات على التيار الإسلامي بمختلف ألوانه (سلف، إخوان، مستقلين، وغيرهم)، والذين يمكن لهم أن يجتمعوا للكتابة في صحيفة واحدة، يكتبون لهذه الصحيفة!

يخيل إلى القارئ من كثرتهم، عندما ينظر إلى صفحة المقالات في أي يوم من أيام الأسبوع، أنه يطالع صحيفة حائطية في مسجد!!

المفارقة الغريبة وغير المفهومة الثانية، هو أنك عندما تدخل إلى أي بقالة أو مكتبة، تكتشف أنها الأكثر تواجداً على الأرفف، إلى حد يصل في بعض الأحيان إلى ضِعفي وجود الصحف الأخرى، مما يدل على كثرة الطلب عليها!

هاتان المفارقتان الغريبتان أوقعتاني في بعض الحيرة. ما التفسير المنطقي لتكالب الكتاب الإسلاميين من مختلف التوجهات على الكتابة لهذه الصحيفة؟ هل لأنهم يرون مثلا أنها الصحيفة الأصلح للنشر من خلالها؟ أم أنها تقدم لهم تسهيلات صحفية لا يجدونها في غيرها؟ أم أنهم يكتبون فيها انطلاقا من مبدأ «الأستاذ ميكافيللي» بأن الغاية تبرر الوسيلة؟!

لا مشكلة عندي في أن يكتب الإسلاميون حيثما يشاؤون، لكنني أتساءل فقط عند تركزهم وتجمعهم بهذا الشكل الواضح في هذه الصحيفة وكأنهم «يشرعنونها»، وأن هذا بالنسبة لكثير من الناس سيكون مبرراً لاقتنائها بالرغم من كل ما يقال في حقها!

الشيء الآخر الذي أتوقف عنده هو كثرة الطلب على هذه الصحيفة، فانتشار هذه الصحيفة بهذا الشكل يدل وبكل بساطة على كثرة الطلب. إن كان أصحاب هذه الصحيفة قد باعوا فالناس قد اشترت، وعليه فالمسؤولية ملقاة على عاتق الناس ولا أحد سواهم، حتى وإن كانوا لا ينفكون يتحدثون عن سوء هذه الصحيفة وفسادها ليل نهار!

دعوات المقاطعة، والشكاوى التي ينوي البعض رفعها، أو لعلهم رفعوها بالفعل، ضد هذه الصحيفة باعتبار إساءتها للوطن وأهله، هي دعوات وشكاوى خائبة، وليست في محلها، ليس لعدم صدقها، بل لأنها تتجاوز حقيقة أن الناس والقراء هم السبب.

هذه الصحيفة بالنهاية لم تغرر بأحد، هي تنشر ما تريد وكتابها كثير منهم من الإسلاميين، سلفاً وإخواناً ومستقلين وآخرين، والناس سارعت للشراء.

الناس ليسوا حمقى وليسوا جهلة، ولديهم أعين يبصرون بها وقلوب يعقلون بها، ويملكون القدرة على المقارنة وعلى تقصي الحقائق، فإن كانوا قد اختاروا تعطيل عقولهم والركض خلف زيد وعبيد من الكتاب، فلا يلومن أحد إلا نفسه!