لا تكن عبداً لهرموناتك وتخيّر معركتك!

نشر في 02-09-2007
آخر تحديث 02-09-2007 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

غالباً ما تنتهي مرحلة الاندفاع بعدما يتجاوز الشاب سنوات المراهقة، لكنها قد تطول عن ذلك بقليل، أو حتى أكثر من ذلك عند بعضهم، فيبقى الواحد منهم على ذات الاندفاع المراهق والحماس المشتعل، الذي كان يسيطر عليه في مرحلة بلوغه وسنوات مراهقته.

من ألزم الصفات ببدايات عمر الشباب وأوضحها، صفة الحماس والاندفاع في كل شيء. في التصديق-الإيمان وفي التكذيب-الكفر، في الحب وفي الكره، في الإقبال وفي الإدبار. لذلك ترى الشاب وحين يؤمن بشيء، لا يكاد يرى غيره، وحين يحب أحداً يهيم به عشقاً، وحين يقبل على أمر لا يكاد ينصرف عنه. في هذه المرحلة لا يمكن التنبؤ بردة فعل الشاب، فمن الممكن أن ينفجر غضبا على لا شيء، أو أن يجهش بالبكاء لأتفه الأسباب أو أن يصاب بالاكتئاب دون مبرر واضح، وهكذا دواليك!

يُرجع العلماء هذا الأمر من الناحية الطبية إلى أن مرحلة الشباب تتسم بتدفق هرمونات البلوغ في جسد الشاب، والتي بيّنت الاكتشافات العلمية الأخيرة أنها تنشط في خلايا المخ فتؤثر عليها بشكل مباشر، مما يؤدي إلى تلك التقلبات الحادة التي نراها على المزاج والمشاعر عند الشباب.

غالبا ما تنتهي هذه المرحلة بعدما يتجاوز الشاب سنوات المراهقة، لكنها قد تطول عن ذلك بقليل، أو حتى أكثر من ذلك عند بعضهم، فيبقى الواحد منهم على ذات الاندفاع المراهق والحماس المشتعل الذي كان يسيطر عليه في مرحلة بلوغه وسنوات مراهقته.

ووفقا لدرجة الحماس والاندفاع التي تستمر عند هؤلاء البعض وانعكاساتها على حياتهم الاجتماعية وعلى خريطة تعاملهم مع الآخرين وعلى مقادير تطرفهم في معتقداتهم وأفكارهم، ينزع علماء النفس إلى تصنيفهم على درجات، أعلاها درجة تضعهم في دائرة المرضى النفسيين الذين قد يحتاجون إلى العلاج!

إن عدم قدرة الإنسان على ردع نفسه من الدخول في كل معركة تلوح أمامه، وعدم استطاعته كبح جماح نفسه عن الاعتقاد أن كل صيحة من حوله تعنيه هو شخصياً، ونزوعه إلى تحويل كل حوار أو مناقشة مع الآخرين إلى معركة شخصية لابد من الانتصار فيها، قد يكون علامة من علامات هذا الاختلال النفسي، ودليلاً على عدم النضج العقلي وامتداد فترة المراهقة خارج عمرها الزمني المعتاد، أو بكلمات أخرى احتمال أن يكون هذا الإنسان لايزال واقعا تحت سيطرة هرموناته التي تسيطر على خلايا مخه فتسيره ذات اليمين وذات الشمال!

ليس من السهل على الإنسان بشكل عام ألا يستسلم لذلك الشعور الحار اللذيذ الذي يتوهج في صدره عندما تلوح له فرصة سانحة للانخراط في معركة يشعر بأنها معركة سيسهل الفوز فيها، لكن من المفترض أن الأيام وبما تخلعه عليه من أردية النضج والخبرة ستكون قد علمته كيف يتخير معاركه، وكيف يزن نتائجها المتوقعة في ميزان الفائدة والقيمة، ليعرف بعدها إن كانت تستحق أم لا؟

* * *

ليس من الصعب على الإنسان أن يسحق حشرة صغيرة تمشي على ثوبه، لكن ذلك قد يخلف بقعة بشعة تلوث بياض الثوب، لذا فمن الحكمة الاكتفاء بالنفخ عليها حتى تطير!

back to top