Ad

لا يمكن اعتبار القرارات الثلاثة التي أصدرها الوزراء الثلاثة للمواصلات والإعلام والشؤون في غضون أسبوع واحد بشأن مراقبة مواقع الرأي والمدونات، واللائحة التنفيذية للمرئي والمسموع، وحل اتحاد الجميعات التعاونية، مجرد اجتهادات فردية جاءت بالمصادفة وبشكل متزامن، بل حتى لو كانت قرارات هؤلاء الوزراء نابعة من قناعاتهم الشخصية فإن المصيبة أكبر!

ثلاث خطوات اتخذتها الحكومة في وقت متزامن وخلال أسبوع واحد، تعكس النفس الضيق والأفق المحدود للقناعة بالديموقراطية التي طالما تتغنى بها عندما تشتد بها الأزمات، فليس بمستغرب أن يقدم وزير المواصلات ومن بعده وزير الإعلام وأخيراً وزير الشؤون على إصدار قرارات تطعن في خاصرة الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي.

فقرار رصد مراقبة وإغلاق مواقع الرأي والمدونات الإلكترونية من جهة، واللائحة التنفيذية لقانون المرئي والمسموع التي تفرض الرقابة المسبقة على مادة الإنتاج الإعلامية من جهة ثانية، وقرار حل اتحاد الجمعيات التعاونية من جهة ثالثة، لا يمكن اعتبارها مجرد اجتهادات فردية جاءت بالمصادفة وبشكل متزامن، بل حتى لو كانت قرارات هؤلاء الوزراء نابعة من قناعاتهم الشخصية فإن المصيبة أكبر! فمعنى ذلك أن بعض السادة الوزراء لا يعرف أبجديات الديموقراطية ولا يؤمن بالكثير من مبادئ الحريات العامة، وأن المقام الوزاري والسلطات الكبرى التي يحظون بها في إمبراطورياتهم المصغرة تجعلهم يعيشون هذه النشوة ويتوهمون أن عموم أبناء الشعب مجرد موظفين في وزاراتهم وبالتالي يمكن أن يفرضوا عليهم ما يشتهون من آراء واجتهادات ورؤى خاصة بهم.

وهذا البعد السياسي في رؤية بعض الوزراء سرعان ما يصطدم بالواقع ويواجه بردة فعل عنيفة تجبرهم في النهاية على التراجع وإدراك وزنهم الحقيقي في ميدان الديموقراطية وأدواتها الضاغطة في كل اتجاه، وأما محاولة التنمر واستعراض العضلات التي قد يبديها بعض الوزراء ويختار من خلالها مواصلة المواجهة فتنتهي غالباً بتكسر الوزير وخروجه من الحكومة مبكراً مع أول تدوير أو تعديل أو تشكيل وزاري جديد، وما الأرقام القياسية لعدد الوزراء «السابقين» منذ عهد التحرير إلى الآن إلا مؤشر على ذلك.

أما إذا كانت مثل هذه القرارات الانقلابية على الديموقراطية ليست من عنديات الوزراء الثلاثة المعنيين فنكون أمام احتمالين آخرين أحلاهما مر، وقد يصل إلى حد الفضيحة السياسية، فالاحتمال الأول أن يكون الوزير مجرد عبد المأمور ولا ناقة ولا جمل له فيما يتخذ من قرارات تكون أكبر منه... وهذا بحد ذاته يؤكد المفهوم الكويتي الدارج بأن الوزراء مازالوا مجرد موظفين كبار.

والاحتمال الثاني بأن التضييق على الحريات وإلغاء المؤسسات المنتخبة ديموقراطياً هو قرار حكومي نابع من قناعات مجلس الوزراء، وفي مثل هذه الحالة فإن الحكومة مجتمعة بوزرائها جميعهم من دون استثناء يتحملون مسؤولية قراراتهم التي تتعارض مع معــايير الديمـــوقــــراطيــــــــة التــي اؤتمنوا على حمايتها والمحافظة عليها دستورياً!

وفي كل الأحوال، وسواء ظلت القرارات الثلاثة الأخيرة والمتخلفة ديموقراطياً أم تم إسقاطها، فإنها لن تغير من واقع الانفتاح ولن يكون لها أي تأثير في ظل ثورة الفضائيات وعصر تدفق المعلومات بلا حدود، والأثر الوحيد الذي سوف يبقى هنا هو أن الحكومة قد ارتكبت خطأ جديداً يضاف إلى رصيدها ضد الديموقراطية!