Ad

الانتخابات الفرعية وجهت صفعات شديدة لبعض الأسماء التي كانت تتصور أنها ناجحة لا محالة، خصوصاً ممن كانوا نواباً سابقين وذاقوا «عسيلة» المجلس وتلذذوا بالكرسي الأخضر الوثير. هؤلاء، وإن كان بعضهم قد تجرع على مضض نتائج الفرعية اليوم، فإنهم غداً سيعيدون حساباتهم ألف مرة قبل أن يشاركوا فيها.

قبل أي شيء لا بد من التوضيح. المقصود بـ«المستفرعين» أولئك الذين ترشحوا للانتخابات القبلية الفرعية، وأما من تفرعوا فهم من فازوا فيها، وهذه المصطلحات مختلقة ولا أدري إن كان قد سبقني إليها أحد، لذلك سأحجم عن نسبتها لنفسي حتى إشعار آخر.

وسأقول إنه مع إسدال الستارة على آخر الانتخابات الفرعية، وبعدما أحجمت أغلب القبائل عن إقامتها وتردد أبناؤها عن المشاركة فيها على خلفية أحداث الصباحية المثيرة، وبعدما انفرط العقد تماما بعد تغير تكتيكي لوزارة الداخلية من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، وكأن القبائل قد علمت أن (ما بالحمض أحد)، فقامت بإجراء فرعياتها بهيئات وأساليب مختلفة، أجدني متفائلاً بنتائج هذه الانتخابات، ليس من باب الاستبشار بأسماء من تفرعوا عنها، فليس هذا وارداً على الإطلاق لمن يرفض المبدأ من أساسه، وإنما بسبب هيئة النتائج وملابساتها.

أستطيع القول إن هذه الانتخابات قد وجهت صفعات شديدة لبعض الأسماء التي كانت تتصور أنها ناجحة لا محالة، خصوصاً ممن كانوا نواباً سابقين وذاقوا «عسيلة» المجلس وتلذذوا بالكرسي الأخضر الوثير. هؤلاء، وإن كان بعضهم قد تجرع على مضض نتائج الفرعية اليوم، فإنهم غداً سيعيدون حساباتهم ألف مرة قبل أن يشاركوا فيها، وسيتذرعون بألف حجة وحجة، تبدأ بأن لهم قاعدة كبيرة من خارج القبيلة كافية لإنجاحهم، ولا أدري بماذا ستنتهي. وهذا خرق أول في جدار الفرعيات الذي كان متيناً.

كذلك قيام بعض مَن «استفرعوا» ولم يتفرعوا، بترشيح نفسه للانتخابات العامة ضارباً بنتائج الفرعية عرض الحائط، وتذرعه بحجج اكتست بطلاء الموضوعية، مثل أنه يدخل كمرشح «احتياط» ولا أعرف ما معنى ذلك؟ أو أنه قام بحسابها وفق معادلة التحالفات والقوائم، وحجج أخرى لا أدري من أين تفتق ذهنه عنها؟ أقول إن هذا سيؤدي إلى زعزعة ثقة أبناء القبيلة بالممارسة بأسرها، لأن «المستفرعين» لا يلتزمون بالنتائج، وستذهب الجهود سدى. وهذا خرق ثان في جدار الفرعيات.

يدرك بعضنا أن اختراقات سيئة قد حصلت في بعض الانتخابات الفرعية. بعضها شهد شراء أصوات، وبعضها الآخر شهد تدخلات من خارج القبيلة لدعم أسماء معينة، بل فرضها. هذه الاختراقات أساءت كثيرا إلى الفكرة الأساس التي تقوم عليها هذه الانتخابات وهي المحافظة على الوحدة القبلية لضمان نصيب القبيلة من مقاعد البرلمان. وهذا خرق ثالث في جدار الفرعيات.

أسماء بعض «المستفرعين» ممن تجاوزا القنطرة القبلية وتفرعوا، أسماء هزيلة جداً، ويدرك أبناء القبيلة بأن من الصعب تسويقهم للناخبين من خارج القبيلة، وأنهم فاشلون لا محالة في الانتخابات العامة. هذا الأمر سيؤدي إلى عزوف أبناء القبائل شيئاً فشيئاً عن هذه الانتخابات، خصوصاً تلك القبائل التي لا تشكل ثقلاً غالبا في الدوائر وتحتاج إلى أصوات الآخرين. وهذا خرق رابع في جدار الفرعيات.

فشل التيارات الإسلامية، وخصوصاً «حدس»، عن إيصال أي من أتباعها من خلال هذه الانتخابات، سيؤدي مع الوقت إلى إعادة هذه التيارات النظر في جدوى خوض أتباعها للفرعيات، وقد تدفع بهم لاحقاً إلى خوض الانتخابات العامة بشكل مباشر. وهذا خرق خامس في جدار الفرعيات.

كل هذه الخروقات وغيرها، ستؤدي برأيي إلى أن لا يتجاوز أبناء القبائل تجربة الفرعيات هذه المرة بسهولة، وستؤدي بهم لا محالة إلى إعادة حساباتهم، وإعادة تفكيرهم في المسألة برمتها، وكلي أمل أن يوصلهم ذلك إلى اليوم الذي يدركون فيه فعلا أن «الفرعيات» ليست هي الحل.