Ad

نتمنى أكثر بكثير من دعاة السلام المخادع والمزيف والمبطن بريع تجار الحروب وناهبي ثروات بلادنا من نوعهم الإسرائيلي والأميركي، أن نعيش حُلة السلام الوادع والسعيد، ولكن بالتأكيد من نوعه الكريم والعزيز والمشرف والمترافق مع العزة والمجد والرفعة وحفظ الحقوق والقيم التي نؤمن بها.

من حق أي واحد منا أن يختلف مع إيران أو «حزب الله» اللبناني أو «حماس» أو سورية أو أي قوة من قوى من بات يطلق عليها بقوى المقاومة أو الممانعة في أي من سياساتها، وبالمناسبة فإن المقاومة والممانعة هنا يقصد بها المقاومة والممانعة للمشروع الصهيوني الأميركي الساعي جهاراً نهاراً إلى الهيمنة على مقدرات بلادنا، ولا يستحي أو يخفي الإعلان عن أهدافه تلك، بل يستعين بكل الوسائل «المشروعة» وغير المشروعة لتنفيذ مآربه المعلنة تلك، بما فيها اللجوء إلى حروب استباقية ردعية كما يسميها يحاكمنا فيها على النوايا ويحكم علينا غالبا بصفة المارقين، ومن ثم يُنفذ الحكم من دون السماح لأي هيئة بالدفاع من أي نوع كانت!

لكنني ومثلي الكثير ممن قد لا يستطيع إيصال صوته إلى الرأي العام، لم يعد يفهم لا المعنى ولا المبنى الذي يستند إليه بعض أبناء جلدتنا، ليس فقط في جَلْد هذه القوى المقاومة والممانعة في الصحافة والفضائيات والمجالس العامة والخاصة بحجة أن هذه المقاومة والممانعة قد ولّى زمنها، لاسيما ونحن نعيش عصر العولمة، و...! وبالتالي فإنها قد تعطل على هذا البعض استقرار حياته اليومية المبرمجة على البورصة العالمية، ورفاهيته أو تجارته أو سعادته أو مضارباته في هذه البورصة أو ما شابه من أعمال مشروعة أو غير مشروعة! وهو أمر قد يظل مقبولاً في إطار الصراع السياسي إلى حد ما، لكن أن يذهب مدى الاعتراض بقسم من هذا البعض إلى درجة التماهي مع العدو في مطالبه بذريعة الاعتراض الآنف الذكر، فهذا ما لم ولن يصبح مقبولاً بأي شكل من الأشكال، وسيؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى صدام عنيف بين قوى مجتمعاتنا الداخلية في كل قطر، مما يمكن أن يفضي بدوره إلى حرق الأخضر واليابس!

إن أعداءنا الغزاة والمهاجمين والذين يعلنون أهدافهم بكل بجاحة ووقاحة لا يقبلون بأقل من استسلامنا جميعاً راديكاليين كنا أو معتدلين! مقاومين كنا أو «منبطحين»! «مغامرين» كنا أو عقلاء أو «مهادنين»!

وهم أسسوا وبنوا وشكّلوا هيكلية «مجتمعاتهم» على قاعدة وعقيدة الحرب وعسكرة الفضاءات، لاسيما القسم المزروع في قلب جغرافيتنا السياسية والبشرية والعقدية، أي الكيان الصهيوني المسمى بدولة إسرائيل!

وإسرائيل هذه «مجتمع حرب» بامتياز! بالتالي فإن من حق من يريد التصدي لها ولأسيادها أن يشكل «مجتمع الحرب» الخاص به، وهو ما يطلق عليه بمجتمع المقاومة بكل ما تحتاجه المقاومة التي تشرعها القوانين والمواثيق الدولية والسماوية من وسائل وأدوات وأساليب!

نحن إذن في حالة حرب مفروضة علينا ولا يمكن لنا أن نتصرف وكأننا في حالة سلم أو سلام مزعوم! نعم كنا نتمنى وبالتأكيد أكثر بكثير من دعاة السلام المخادع والمزيف والمبطن بريع تجار الحروب وناهبي ثروات بلادنا من نوعهم الإسرائيلي والأميركي، أن نعيش حلة السلام الوادع والسعيد، ولكن بالتأكيد من نوعه الكريم والعزيز والمشرف والمترافق مع العزة والمجد والرفعة وحفظ الحقوق والقيم التي نؤمن بها.

لكن ذلك إذا لم يتوافر لنا بسبب ما أسلفنا ذكره فإننا لن نسمح مطلقا أن يحولنا بعضهم إلى «سبايا» في سوق النخاسة الدولية، يرمي إلينا تجار الحروب بعضاً من فتات موائد عربدتهم ونهبهم ثمناً لاستسلامنا أو سكوتنا على ذبح أولادنا وبناتنا وأمهاتنا وشيوخنا في غزة أو لبنان أو العراق أو في بلد من بلاد المسلمين، متحججا بما بات يسمى بـ«التزامات المجتمع الدولي»!

فالتجسس على أبناء الوطن في فلسطين ومطالبتهم بنزع البندقية ووقف الصواريخ أولاً! أو التجسس على المقاومين في لبنان ورفع الدعاوى عليهم بحجة وجود دولة داخل الدولة أو شبكة أمن أو أمان خاصة بهم! أو قتل آلاف الأبرياء في البصرة ومدينة الصدر بحجة أن أي سلاح خارج حيازة الدولة هو سلاح إرهاب وسلاح ميليشيات خارجة على القانون! أو أن إيران ملزمة بقبول المحفزات الدولية تحت ضغط تهم التسلح النووي! أو أن سورية يجب أن تقصقص أجنحتها وتتخلى عن عمقها القومي والإقليمي، وترفع الراية البيضاء أمام خديعة أولمرت الجديدة تحت طائلة اللحاق بالسيناريو العراقي النووي المزعوم، بعد أن عجزوا على تلفيق تهمة اغتيال الحريري ضدها! كلها مواقف لا يمكن وضعها في خانة الرأي والرأي الآخر، فالخيانة ليست وجهة نظر والتجسس على أبناء الوطن ليس بنداً من بنود الديموقراطية البرلمانية! بل هي دعوة واستدعاء صريح لعهد الوصاية والانتداب!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني