متفائل، وأرجو أن يؤدي هذا الالتفات النيابي إلى موضوع الأحزاب إلى خلق جو مجتمعي جديد ومختلف تجاه فكرة تنظيم عمل الأحزاب السياسية، عمّا وجدناه يوم قدمنا مشروعنا إلى أعضاء مجلس الأمة منذ سنوات.برز في الآونة الأخيرة تسابق ظريف على تقديم مقترحات ومشاريع برلمانية لتنظيم الحياة الحزبية في الكويت، وبدأ الموضوع منذ أشهر بإعلان النائب علي الراشد انتهاءه من تجهيز مشروع متكامل ينظم الحياة الحزبية في الكويت، لكن لمَّا تأخر في تقديمه سبقه النائب عبد الله عكاش في تقديم مشروع قانون بشأن ذات المسألة.
منذ أيام قليلة تقدم علي الراشد بمعيّة زميليه في التحالف الوطني النائبين محمد الصقر وفيصل الشايع بالمشروع الذي كان قد أخبر عنه سابقاً، ولم يكد حبر الصحف التي نشرت ذلك الخبر يجف، حتى أعلنت «حدس» عن نيتها تقديم قانون مشابه لتنظيم الأحزاب!
المفارقة في الموضوع، أنني أذكر يوم قمنا في «حزب الأمة» منذ سنوات قليلة بتقديم نسخ من مشروعنا لتنظيم الأحزاب السياسية إلى جميع أعضاء مجلس الأمة، على أمل أن يتبنى أحد منهم الموضوع، أو أن يثير اهتمامهم على الأقل، لم يلتفت إلينا أحد وكأننا كنا يومها نتحدث عن أسطورة أو خرافة، ولا أدري ما الذي تغيّر اليوم، فظروفنا السياسية اليوم التي رآها النواب المحترمون تقتضي تنظيم شؤون الأحزاب وتقنينها هي ذاتها ظروف الأمس!
على أي حال، وعلى الرغم من إظهار بعض الصحف لما يجري حاليا من تقديم لهذه المشاريع، على أنه تسابق سياسي مجرد لتسجيل النقاط لا أكثر، إلا أنني سعيد بالأمر بصورته العامة بعيداً عن ملاحظاتي على تفاصيله؛ كتوقفي عند اشتراط نواب التحالف في مشروعهم الذي تقدموا به ضرورة وجود خمسمئة عضو مؤسس لأي حزب ينوي إشهار نفسه، الذي هو عدد كبير جداً وغير معقول لدولة بحجم الكويت.
أنا متفائل، وأرجو أن يؤدي هذا الالتفات النيابي إلى موضوع الأحزاب إلى خلق جو مجتمعي جديد ومختلف تجاه فكرة تنظيم عمل الأحزاب السياسية، عمّا وجدناه يوم قدمنا مشروعنا إلى أعضاء مجلس الأمة منذ سنوات، وأن يبدأ أفراد المجتمع - وبالأخص نخبه المتحركة الفاعلة - في تكوين صورة واقعية للموضوع ناتجة عن إلمام حقيقي به، وليس مجرد تهيؤات سطحية متوارثة متناقلة.
إن دعوتنا في حقيقتها ليست دعوة إلى السماح بإشهار الأحزاب السياسية وإيجاد ما ليس موجودا في الكويت، فالأحزاب - والكل يعلم هذا - موجودة وقائمة، بل ومعترف بها من قبل نظام الحكم الذي يعاملها على هذا الاعتبار عند قيامه بتشكيل الحكومات أو اتخاذ كثير من القرارات. حقيقة دعوتنا أنها دعوةٌ لتنظيم عمل ما هو قائم فعلاً من أحزاب وتجمعات سياسية، تعمل خارج إطار القانون وبعيداً عن الرقابتين الرسمية والشعبية.
لقد آن لهذا الوضع السياسي المُنفلت، الذي ساهم بلا شك في تدهور واقعنا السياسي، أن ينتهي، لأنه إن كان تنظيم عمل الأحزاب وإشهارها في السابق ترفاً زائداً وإضافة غير أساسية لديموقراطيتنا في عيون البعض، فقد أصبح اليوم ضرورة حقيقية ملحّة لابد من الاستجابة لها!