لم أتردد لحظة واحدة في كتابة مقالي هذا، الذي أود من خلاله أن أدلي بوجهة نظري كواجب وطني أحس به.

Ad

إن الخلل الموجود في وزارة الصحة ليس وليد الساعة، ولا يُعزى إلى فرد أو عدد من الأفراد، وانما هو نتاج تراكمات ومخلفات سابقة لسنوات طويلة أسبابها: المركزية في اتخاذ القرار؛ والبيروقراطية؛ وانعدام الرؤية وتحديد الهدف؛ عدم التواصل الفعال. وعند تولي الدكتورة معصومة المبارك حقيبة الوزارة قبلت هذا التحدي، وهذه المواجهة التي تعترض سبيل تقديم افضل الخدمات وتطويرها وتحسين الاداء الوظيفي.

إن عملية الاصلاح تحتاج الى رؤية ثاقبة وقيادة حكيمة واعية مدركة لمجريات الأمور تؤمن بروح المشاركة الجماعية، وتحسن الاتصال الفعال، وتخلق جواً مناسباً للعمل، وتعطي الصلاحيات الواسعة ضمن الحدود المدروسة، وتبث الروح بالدماء الجديدة للانخراط والمشاركة الفعالة.

لهذا وجب علينا جميعا أن نعطي الثقة كاملة والوقت الكافي لسعادة وزيرة الصحة خلال هذه المرحلة الحرجة الحساسة الانتقالية في هذا العهد الذي يمكن أن ننتقل من خلاله في فترة قصيرة إلى عهد جديد من التطوير، وتحسين الخدمات الصحية وإعادة الثقة المفقودة.

إنها بداية الانطلاق الحقيقية والصحيحة نحو الإصلاح، فواجب علينا أن نتكاتف ونكثف الجهود، وأن نقف إلى جانب وزيرة الإصلاح لا أن نحطم الطموح والآمال، ونضع الحواجز والعقبات في طريق التطور والنمو.

لقد وضعت الوزيرة النقاط على الحروف، وحددت الخلل في مقالها الذي أشارت إليه بكل جرأة وصراحة، ونشر اخيراً في الصحف، وهو الذي ماتزال تشير إليه مراراً وتكراراً.

إن البيروقراطية التي نعانيها في النظم الإدارية المعمول بها تعد من أهم المعوقات والعقبات التي تعترض سبيل التطوير وتحول دون الارتقاء، فكم من الكوادر الوطنية المخلصة والمحبة للعمل والحاصلة على شهادات علمية عالية فوجئت إثر رجوعها إلى أرض الوطن من الخارج بالروتين الاداري البطيء القاتل للطموح والآلية المعقدة، وهي أمور تقود بدورها إلى الإحباط، وخلق بيئة طاردة للعمل سعيا إلى مكان آخر أكثر جاذبية وملاءمة للعمل سواء من النواحي المالية والادارية والبساطة في الاجراءات الوظيفية. بالفعل، إنها الحقيقة عندما قالت معالي الوزيرة إن شغلها الشاغل علاج المشاكل المتراكمة.

إن اهتمام الدكتورة معصومة بالعنصر البشري بات جلياً لأنه الثروة الوطنية التي يجب الا تُهدر، والطاقات التي يجب أن تُستغل، ولأنهم العنصر المهم والدعامات الاساسية للمؤسسات الصحية ومن بعدهم تأتي المنشآت والمباني والأجهزة... ولهذا رأت الوزيرة مايلي:

ان تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وترصد الحوافز التشجيعية، وتعدل الكادر الطبي، وتوزيع المهام واعطاء الصلاحيات اللازمة لتسهيل وتبسيط الاجراءات المعقدة، إضافة إلى العمل بسياسة الباب المفتوح لدراسة المشاكل الإدارية والفنية العالقة، والاستعانة بخبرات فنية في إدارة المستشفيات.

إن ما تملكه الوزيرة د. معصومة من خبرة ودراية ومعرفة تمكنها من معالجة النظم البيروقراطية وتطويق الروتين الإداري المتأصل في أروقة المؤسسات الصحية (منذ الأزل). أليس هذا جديراً بإعطائها الوقت الكافي اللازم للمضي قدما في سبيل تطوير وتحسين الخدمات الصحية.

أليس هذا جديراً، وواجبا علينا، تقديم الدعم لها لإصلاح الخلل وإعادة الترميم أم نتبع سياسة «لا يصلح العطار ما أفسده الدهر». أليس هذا ما تستحق الشكر والثناء عليه.

وعلى المستوى الشخصي فقد تشرفنا في مستشفى الطب الطبيعي بزيارة من معالي الوزيرة برفقة وفد بريطاني تابع لاحد المستشفيات البريطانية بغية عمل بروتوكول تعاون صحي لتطوير الاداء في المستشفى، واستقطاب الخبرات اللازمة في النقاش مع الوزيرة التي أبدت اهتماماً بالغا بكل الملاحظات المطروحة، وبالفعل تم توقيع بروتوكول تعاون في اليوم التالي لزيارة معاليها، وتم الاتفاق على زيارة وفد من فريق تأهيل طبي من بريطانيا الى مستشفى الطب الطبيعي في شهر نوفمبر (وهذا لم يحدث من قبل).

وفي الختام إنني لا أريد في مقالي هذا الا التعبير والإفصاح عن وجهة نظري وعن الإدلاء بشهادتي المجروحة بحق الدكتورة معصومة المبارك خلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة، فترة توليها حقيبة وزارة الصحة. معالي الوزيرة نحن لن نعزيك، وإنما نقف معك قلباً وقالباً ويداً واحدة، أعانك الله على هذه التجربة المريرة لخدمة وطننا الكويت الغالي.

*مدير مستشفى الطب الطبيعي - الأطراف الصناعية مدير مركز الحساسية