وقعت معاهدة باردو يوم 12 مايو عام 1881م بين حكومة فرنسا وباي تونس محمد الصادق باي، وتعلن هذه المعاهدة «حماية» فرنسا على البلاد التونسية، وهي تشكل بداية الاستعمار الفرنسي لتونس فقد أعطت فرنسا حق الإشراف المالي والخارجي والعسكري في تونس، وحق تعيين مفوّض فرنسي في مدينة تونس، وتوالى التدخل الفرنسي في شؤون البلاد.

Ad

كانت فرنسا الاستعمارية ترى في الشمال الأفريقي مكانًا ملائمًا لتحقيق أطماعها؛ لذا سعت إلى السيطرة عليه واحتلاله. وكانت تونس ممن وقع ضحية لهذا الاستعمار، واشتدت فرنسا في القضاء على حركة المقاومة التونسية حتى ضعفت حركة الجهاد، وبدأت حركة استيطان فرنسية في تونس، وتمتع هؤلاء المستوطنون الفرنسيون بالنصيب الوافر من ثروات البلاد وخيراتها.

وقد أدت سياسات الحماية الفرنسية بتجنيس اليهود في تونس إلى تأسيس حزب تونس الفتاة وبرزت شخصية عبد العزيز الثعالبي على الساحة السياسية الوطنية، غير أن الفرنسيين حلوا هذا الحزب وألقوا القبض على قادته.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى اطلقت بعض الحريات بعدما وقف ثمانون ألف مقاتل تونسي بجانب فرنسا في حربها، وانطلق وفد تونسي برئاسة الثعالبي إلى باريس لعرض قضية بلاده على مؤتمر الصلح، إلا أن الحلفاء المنتصرين لم يستمعوا إلى آمال الشعوب المستعمرة، فاتجه الثعالبي إلى الرأي العام العالمي، وأصدر كتاب «تونس الشهيدة»، منددًا فيه بالاستعمار الفرنسي، وقرأ التونسيون هذا الكتاب، والتقوا جميعًا على فكرة المطالبة بالدستور.

كانت تونس مسرحًا للعمليات الحربية بين المحور والحلفاء سبعة أشهر، وعاشت فترة في ظلال السيطرة الألمانية، وتولى الباي محمد المنصف الحكم في تونس منتصف عام 1942م، وتلقى الباي عرضا من الألمان بالتعاون معهم نظير إسقاط الحماية، وعرض عليه الحلفاء الانضمام إليهم، إلا أن الباي رأى الاستفادة من تلك المساومات المؤقتة لتقوية مركزه؛ فاختار حكومة وطنية من دون استشارة المقيم الفرنسي، وأشرك الحزبين الدستوري والجديد الذي ترأسه الحبيب بورقيبة خلال هذة الاحداث فيها، فعزل الفرنسيون الباي بعد القبض عليه، ثم أُلقي القبض على بورقيبة، لكنه استطاع الفرار من معتقله والسفر إلى القاهرة على أمل أن تعاونه الدول العربية على تحرير بلاده.

وانضم بورقيبة في القاهرة إلى لجنة «المغرب العربي»، التي يرأسها المجاهد الكبير الأمير عبد الكريم الخطابي، وأحدث ذلك تحولا مهما في اتجاه الحزب الدستوري الجديد نحو التضامن العربي. أما في تونس فتولى قيادة الحزب نيابة عن بورقيبة «صالح بن يوسف» الذي عقد مؤتمرا سنة 1946م أصدر ميثاقًا وطنيًا أعلن فيه سقوط نظام الحماية، وأكد صفة تونس العربية؛ فهاجمت فرنسا المؤتمر، وقبضت على زعمائه، ونكلت بالوطنيين.

غير انه مع توالي الاضطرابات أدركت فرنسا ضرورة الإسراع في الاتفاق مع بورقيبة، والتخلص من الشروط القاسية في الاتفاقيات السابقة،

والتقى بورقيبة مع رئيس الحكومة الفرنسية الجديدة «جي موليه» واتفقا على منح تونس الاستقلال من حيث المبدأ، وأعلن في 20 مارس 1956م أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة تتولى شؤون الدفاع والخارجية بنفسها مع الاحتفاظ ببعض الامتيازات لفرنسا.

وعاد بورقيبة إلى تونس، فاستقالت وزارة الطاهر بن عمار، وعهد إلى بورقيبة بتشكيل وزارة جديدة تبدأ في البناء على أساس أن البلاد قد حصلت على الاستقلال، وتشكلت الوزارة الجديد برئاسته، ثم أعلن في 25 يوليو 1957م إلغاء منصب الباي، وأعلن الجمهورية، وتسلم رئاستها، وبدأت مرحلة جديدة في حياة تونس.