معلقة جديدة في رثاء الشيعة!

نشر في 12-03-2008
آخر تحديث 12-03-2008 | 00:00
 سعد العجمي

في الأمس كتب أحدهم في إحدى الصحف الجديدة مقالاً عبارة عن «معلقة» جديدة في إطار خلط الأوراق، تباكى فيها على أوضاع الشيعة في الكويت، وكأن حرب «إبادة» قد بدأت ضدهم من قبل إخوانهم السنّة وتحديداً السلف، وطالب أبناء طائفته بحمل أكفانهم خلال تنقلاتهم.

كنت ومازلت وسأظل، من المدافعين عن إخواننا الشيعة باعتبارهم شركاء في الوطن، يجمعنا معهم وطن واحد، لهم فيه من حقوق ما لنا، وعليهم ما علينا من واجبات. فوطنيتهم وولاؤهم للكويت ليستا محل تشكيك أو مزايدة إلا لدى فئة قليلة ممَن في أنفسهم مرض، وهؤلاء عليهم العودة إلى تجربة الغزو العراقي أو حتى أزمة الحكم الأخيرة، فقد يجدون فيهما وصفة علاج شافية لمرض الشك والريبة «المعشعش» في أدمغتهم.

خلال كتاباتي عن أزمة «التأبين» سعيت جاهداً للتأكيد على ضرورة عدم تحميل الشيعة كطائفة تبعات تصرف مجموعة من الأشخاص ارتكبوا خطأً كبيراً جداً عندما أقاموا وشاركوا في مراسم تأبين الإرهابي مغنية، بل إنني دخلت في «معارك» كلامية مع كثيرين بسبب موقفي هذا، الذي لا أحتسب فيه إلا مصلحة بلدي واستقراره.

إن وقوفي في وجه عاصفة «التشكيك» في الوطنية التي هبت علينا أخيراً، لا يعني أنني أرى بعين واحدة فقط، فمثلما كان هناك نافثون في نار الأزمة من الفريق الذي هاجم الشيعة، كان من الشيعة أنفسهم فريق أخذ المنحى نفسه، والفريقان بالنسبة لي متساويان في حجم الخطورة على الوحدة الوطنية.

في الأمس كتب أحدهم في إحدى الصحف الجديدة مقالاً عبارة عن «معلقة» جديدة في إطار خلط الأوراق، تباكى فيها على أوضاع الشيعة في الكويت، وكأن حرب «إبادة» قد بدأت ضدهم من قبل إخوانهم السنّة وتحديداً السلف، وطالب أبناء طائفته بحمل أكفانهم خلال تنقلاتهم، رافضاً، كما نرفض، الطريقة التي تمت بها الاعتقالات، ومتحدثاً عما أسماه اضطهاد الشيعة، معرجاً على النسيج الاجتماعي الكويتي، ولكن بنَفس تصعيدي طائفي «مقيت» لا يختلف عن النَفس نفسه الذي تحدث فيه بعض كتاب وسياسيي السّنة بعد حادثة «التأبين».

لنضع النقاط فوق الحروف يا صاحب «المعلقة»، ونقل لك، تم القبض والتحقيق مع حامد العلي وجابر الجلاهمة، فلم يتحدث أحدٌ من السُّنة عن أن علماءهم مستهدفون، وألقي القبض على أسامة المناور وحاكم المطيري وتم احتجازهما، ولم يخرج علينا «بدوي» ليقول إن أبناء القبائل يتعرضون لسحل من قبل السلطات الرسمية، وأُقصي عدد من الوزراء «الحضر»، بل أحرقوا سياسياً، فوضع الجميع الأمور في إطارها الطبيعي، سياسياً واجتماعياً، ولم يتكلم أحد عن التمايز المناطقي أو الفئوي.

لقد شرّقت في معلقتك وغرّبت خارج الحدود فضربت السعودية، وهاجمت أميركا، وامتدحت إيران وسورية و«حزب الله»، هذا شأنك ياعزيزي، وهذا رأيك، وليس في قاموسنا طرف أو دولة فوق النقد، ولكن إذا كنت تريد التزلف لجهة ما أو كان لديك خلاف مع أي كان فاحسمه بعيداً عنا! فالكويت وقضاياها الداخلية ليست مسرحاً لتصفية الحسابات مع أحد، وشيعة الكويت لا يقبلون أن يكونوا حطباً لنار خصوماتك أو مواقفك السياسية، لأن أجهزة تلك الدول التي أوصلتها إلى السحاب في معلقتك، لا تنظر إلى شيعة الكويت على أنهم شركاء لها في المذهب، بل مجرد كويتيين زرع حب الكويت في قلوبهم وسرى عشق «آل صباح» في شرايينهم، وبالتالي استحالة استمالتهم.

back to top