Ad

هناك الكثير من الدول العربية التي لا تملك قرارها وسيادتها منقوصة لسبب أو لآخر، ولكن يمكن لبعضها تبرير ذلك والالتفاف حوله بطريقة أو بأخرى ويكون الوصف الصحيح لهذه الدول أنها «مختلة»، وليست محتلة وهذا للأسف حال معظم الدول العربية، أما العراق فهو محتل بنسبة 100%.

عندما تعتدي دولة على دولة أخرى ويدخل جيشها أرض هذه الدولة بالقوة، ومن دون دعوة من نظامها الشرعي فإن هذا يسمى احتلالا... وعندما تفقد دولة سيادتها على أرضها تكون دولة محتلة... وعندما لا تستطيع دولة حماية حدودها والدفاع عن نفسها تصبح دولة محتلة... وعندما لا تملك دولة قرارها يطلق عليها في القاموس السياسي أنها دولة محتلة... إلخ.

كل هذه التعريفات هي وصف للاحتلال والدولة المحتلة ورغم أن بعضها ينطبق على بعض الدول العربية بصورة أو بأخرى فإنها جميعا تنطبق على دولة واحدة وهي العراق... لذا لا أدري لماذا غضب بعضهم من وصف العراق بالدولة المحتلة؟ وعلى أي تعريف ومفهوم سياسي وعسكري استند هؤلاء في نفي الاحتلال عن العراق؟ فلو راجعنا التعريفات السابقة لوجدنا أن القوات الأميركية لم تدخل العراق بدعوة من نظامها الشرعي (مهما كانت درجة خلافنا مع هذا النظام) والعراق لا يملك سيادته على أرضه ولا يمكنه تقرير مصيره بنفسه، فما الخطأ في وصفه بأنه دولة محتلة؟

نعم... هناك الكثير من الدول العربية التي لا تملك قرارها وسيادتها منقوصة لسبب أو لآخر، ولكن يمكن لبعضها تبرير ذلك والالتفاف حوله بطريقة أو بأخرى ويكون الوصف الصحيح لهذه الدول أنها «مختلة»، وليست محتلة وهذا للأسف حال معظم الدول العربية، أما العراق فهو محتل بنسبة %100 لذلك من الخطأ الدفاع عن الاحتلال أو نفيه عن العراق بأي صورة كي لا تختلط المفاهيم وتتشابك المعتقدات، وتتوه المعايير أمام شبابنا في الوطن العربي كله.

نعلم جميعا أن الأنظمة العربية مصيرها إلى زوال وأن الشعوب هي الباقية فمن الخطأ أن يكون خلافنا مع نظام زائل سبباً في تشويه المبادئ وتبدل القيم لدى الشعوب الباقية، خصوصاً أن ما حدث للعراق يمكن حدوثه مع أي بلد عربي آخر،

أما الحديث بأن القوات الأميركية جاءت من أجل تحرير الشعب العراقي من ظلم وبغي الطاغية ولتحقيق الديموقراطية، وأنها أتت بطلب من المعارضة العراقية فهو حديث مغلوط، والرد عليه بسؤال بسيط هو: هل تقبل باقي الأنظمة العربية أن يحدث هذا معها؟ خصوصاً أن الكثير من الشعوب العربية تعاني ظلم وبطش حكامها وتفتقر إلى الديموقراطية الحقيقية، وهناك معارضة تدعو إلى الخلاص من ظلم الحكام، فهل تقبل الأنظمة العربية بذلك؟ أم تراها تتمسك بنقطة «الخاء» وتقبل أن تكون مختلة ولا ترحل كما رحل غيرها.

إن قلب الحقائق من أجل وضع مرحلي لفترة زمنية مؤقتة لا يقبله عقل ولا منطق، وكما لا يمكن للظلام أن يوصف بالضياء ولا للظلم أن يصبح مساواة، فكذلك لا يمكن للاحتلال أن يكون ضيافة وكرما.

لن أزيد، فالأمور واضحة جلية، ولكنها العاطفة التي تتحكم بأفكارنا وآرائنا، وإن كانت ذات قيمة كبيرة وعظيمة على المستوى الإنساني، إلا أنه لا قيمة لها على المستوى الفكري والسياسي... وعذراً.