إن ما حصل لأول وزيرة مستجوبة، وأول تجديد ثقة بها، وأول تاريخ سياسي في حق وزيرة التربية نورية الصبيح، كان متوقعاً ومحسوماً قبل انعقاده الجلسة، كما كان تقديم طرح الثقة جاهزاً قبل أوانه وقبل الاستجواب.
بعيداً عن هذا الموضوع وصفحاته التي طويت، ولكن ماذا بعد؟! هو السؤال الذي كان مطروحاً بقوة في اجتماع الكتل مع صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد -حفظه الله- يوم الأحد الموافق 13/1/2008 والذي كان اجتماعاً موفقاً، وهو الأول مع سمو الأمير في بدايات السنة الجديدة، فكان له الأثر الإيجابي، فهو اجتماع الأب مع أبنائه للتوجيه والنصح والإرشاد.كان اجتماع سموه مع الكتل بطوائفها وأشكالها دليلاً على حكمته -حفظه الله وحرصه- على التواصل الديموقراطي، وإلجاماً لأعداء الدستور ممن يريدون تفريغه من محتواه، فالجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وجعلهما في مركب واحد يدل على سلامة المسيرة الديموقراطية وتعاون السلطتين في شتى المجالات.انتهى لقاء سموه مع الإخوة النواب بحكمة الكبار وتفاؤل الصغار، وببوادر إيجابية توحي بإشراقة مستقبل البلد، فقد رأينا ثمرة التعاون بين السلطتين تتجلى في إنجاز ثلاثة قوانين في جلسة واحدة سبقت اجتماعهم مع سموه، فاللقاء بالكتل خلق نوعاً من التفاؤل المشترك بينها وبين الحكومة والمجتمع وجعل المصلحة الأولى والأخيرة هي الكويت ولا شيء غيرها.لقد أكد سموه على المسيرة الديموقراطية وعدم التخلي عنها، فهي دعامات هذا البلد وركائزه، مع أن هذا اللقاء كان معداً مسبقا من قبل نائب رئيس مجلس الأمة وجاء بعد استجواب وزيرة التربية وبعد ظهور بوادر التفرقة بين أفراد المجتمع، وإشاعة حل مجلس الأمة وخوف كثير من النواب من «تطاير» كراسيهم وعدم العودة إليها إذا حصل الحل، ولكن سموه -حفظه الله- وضع النقاط على الحروف باستمرار الحياة البرلمانية والديموقراطية وأنه لاغنى عنها بعد الله، كما أبدى سموه اهتمامه الكبير بالمواطن، بإقرار زيادة رواتب المواطنين وتحسين مستواهم المعيشي، وكذلك أوضح للكتل أن مسألة إسقاط القروض خطّ أحمر، إذ أراد سموه من كل هذا أن يوصل رسالة إلى النواب مفادها أن للحرية سقفاً لايمكن أن نتعداه، مع مراعاة ظروف البلاد المحيطة بنا، ولا نريد أن تستغل هذه الديموقراطية في غير محلها الصحيح، لأن الشيء «إذا زاد عن حده انقلب ضده»، فالواجب على النواب أن يحترموا هذا اللقاء وأن يبتعدوا عن الشخصانية، فمن كان يريد الإصلاح والحرية ومصلحة البلد فعليه أن يترك المصالح الشخصية، وألا يستغل الظروف من أجل التكسب الشعبي، كما هو حاصل من بعض النواب وبعض الكتّاب الذين لا يكتبون ولا ينظرون إلا من عين واحدة، فيجب علينا جميعا انتقاء الأمانة والموضوعية بعيداً عن دغدغة المشاعر، لأن انعدام التعاون بين السلطتين يعني انعدام الديموقراطية وجرنا إلى الهاوية والركود الممل، فالبلد بحاجة إلى التنمية الاقتصادية السريعة والاجتماعية الموحدة والسياسية الواعية والواعدة، ونحن بحاجة إلى الوحدة الوطنية واستمراريتها على الوجه المطلوب، فالكويت صغيرة بحجمها كبيرة بشعبها.لقد رأينا النواب ممن حضر اللقاء متفائلين، ولكن لا نريد لهذا التفاؤل أن يتبخر كغيره، بل نريده ثمرة حقيقية من خلالها تسود المحبة وتبتعد البلاد عن التفرقة، وتصبح التنمية مشهودة في كل المجالات، ويجري العمل على تطبيقها... وبعد اللقاء يبقى الأمر بيد السلطتين في الأداء.
مقالات
نافذة: حكمة الكبار وتفاؤل الصغار
25-01-2008