عمر افتراضي
سؤال يطاردني ويبحث عن الإجابة..
سؤال مهني بحت يخص الكتابة والكتّاب.. ولا ادري إن كان يهتم به احد خارج عن هذا المجال. والسؤال هو: هل هناك نص انتهت صلاحيته؟ أي انتهى زمانه ولم يعد صالحاً للنشر أو القراءة.. ولماذا يراودني هذا السؤال الآن؟.. لأنني بصراحة سأنشر ديوان شعر قديم كتبته منذ 9 سنوات، وكذلك مسرحية أيضاً مضى على كتابتها أكثر من 8 سنوات ولم انشرهما من قبل.. لانشغالي بكتابة الروايات وتأجيلي مراجعة الأعمال القديمة التي لم يتم نشرها.. وطبيعتي المترددة والمتخوفة من سرعة النشر تدفعني إلى تأجيل طرح العمل من وقت لآخر.. حتى يجري به الوقت ويصبح قديماً.. وهذا ما حصل بالفعل مع أول ديوان نشرته جاء من بعد 5 سنوات من كتابته، وكذلك ديواني الثاني نُشر بعد 10 سنوات من وقت ما كتبته. ولكنهما حصلا على الإعجاب ونالا التقدير والكثير من الكتابات النقدية.. ولا ادري ما هو مصير الآتي وأستغرب من بعض الشعراء الذين ينشرون قصائدهم حتى قبل أن ينشف حبر الورق.. جرأة رهيبة.. وهناك آخرون مثلي يترددون كثيراً، خصوصا عندما يكبر الاسم، وتصبح مواجهة الخوف من الفشل اكبر واكبر.. وسمعت أكثر من كاتب يقول هذا الكلام.. ويتردد في نشر قديمه لأنه ربما صلاحية زمنه انتهت.. ولكن هل من الممكن أن تنتهي فعلا صلاحية زمن كتاب ما؟.. في رأيي أن الجواب له شقان.. الشق الأول: هناك فعلاً بعض أنواع من الكتابة ينتهي زمنها بانتهاء ما تكتب عنه. مثل الكتابات التي تناولت أفكاراً، وأيديولوجيات، ومناسبات، وقضايا، اجتماعية وسياسية، وإنسانية انتهى زمنها الآن.. فأصبح اهتمام الناس بها قليلاً أو غير موجود أصلاً. وهناك أساليب كتابية لم يعد هناك من يتبعها.. هل نتصور أن هناك من يكتب بأساليب وأنماط انتهت بانتهاء زمنها بشكل مؤقت. الشق الثاني: في رأيي أن الكتابة الجيدة إن كانت شعراً أو نثراً.. هي كتابة صالحة لكل زمان ومكان.. وليس لها عمر افتراضي تنتهي بانتهائه.. وكلما كانت الكتابة عظيمة، استوطنت الزمن ونقشت اسمها في تاريخ الكلاسيكيات من الأعمال الأدبية الخالدة. إذن جودة العمل هي المعيار الذي يقاس عليه النشر أو عدم النشر.. لأن الجيد صالح من أول مرة.. أو غير صالح للنشر في أي وقت من الأوقات. لكن ربما تتغير ذائقة الناس وذائقة الكاتب أيضاً في وقت ما، فهل تتغير جودة الكتابة؟ بالطبع لا؛ لأن الكتابة الجيدة تبقى محتفظة بقيمتها وقدرها حتى ان انصرفوا عنها أو تركوها في منتصف الطريق.. حتماً سيكون لها عودة ما.. لأنها حفظت مكانها في أرشيف أصالتها، لذلك سأنشر كتاباتي القديمة حتى وإن مضى عليها زمن طويل راقدة في الأدراج.. هذه الكلمات لها الحق في الحياة والوجود وان مضى زمن كتابتها.. ورأي القراء والنقاد هو الفيصل في جودة الكتابة.. ودوري هو أن اكتب لها شهادة ميلادها.. وأنتظر.