جورج داود القرم: رسّام الوجوه الارستقراطية

نشر في 17-06-2007 | 00:00
آخر تحديث 17-06-2007 | 00:00

بعد مضي أكثر من خمس وثلاثين سنة على رحيله، اقيم للفنان الراحل جورج داود القرم معرض استعادي في متحف سرسق ضم نحو 170 عملا توزعت على تقنيات الزيت والباستيل والفحم والحبر الصيني والقلم الرصاص، وجمعت من مصادر مختلفة لتقدم صورة وافية عما قدمه الفنان خلال مسيرته الفنية التي بدأت في كنف والده في لبنان، حتى رحيله عام 1971.

يلقي المعرض الضوء على إنتاج فني بعضه معروف وبعضه الآخر مجهول ويكشف في تنوع موضوعاته وتقنياته عن المسار التصاعدي لفنان عاش متنقلاً بين لبنان ومصر، مبدعاً إنتاجاً غزيراً متميزاً بنزعته الإنسانية والتأملية. ترافق المعرض مع صدور كتاب عنوانه «جورج داود القرم» (مكتبة أنطوان) أعدّه الوزير السابق جورج قرم كاشفاً فيه النقاب للمرة الأولى عن نصوص ووثائق وصور لوحات غير منشورة ومعروفة للفنان. يضمّ الكتاب ايضاً الكتاب دراسات وشهادات لكل من سيلفيا عجميان والرئيس الراحل شارل حلو ومارسيل زهار والشاعرة إتيل عدنان وغي دورنان وآخرين.

سيرة

أكمل جورج داود قرم دراسته الأكاديمية في «المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة» في باريس بين عاميْ 1919 و1921. سرعان ما قاوم إغراءات الشهرة التي بدأ يعرفها في باريس، ليعود ويشارك في بناء «دولة لبنان الكبير» وكان بين أعضاء اللجنة التحكيمية التي اختارت النشيد الوطني اللبناني. دافع في مقالاته عن لبنان ككيان حضاري مستقل وفاز في أول مسابقة لتصميم رسم ميدالية الاستحقاق الوطني. شارك منذ العشرينات من القرن الفائت في صالونات فنية أقيمت في باريس ولندن ولبنان والإسكندرية والقاهرة. حاز الكثير من الأوسمة وله أعمال في بعض المتاحف الأوروبية. عام 1930 أقام في الإسكندرية بعد زواجه من ماري بخيت ابنة يوسف بخيت تاجر القطن في بورصة الإسكندرية. ساهم هناك في إنشاء رابطة للفنانين أطلق عليها اسم «المشغل» للدفاع عن حقوق الفنانين والكتّاب وتنظيم المحاضرات والحفلات الموسـيقية، وعندما انتقل إلى القاهرة سنة 1948 أنشأ رابطة مماثلة بالاسم نفسه. برزت موهبته الفنية كرسام وأديب ومحاضر في الفنون. أثرى إنتاجه بمناظر طبيعية جديدة وبوجوه نأت عن نخبوية رسم بورتريهات المجتمع الأرستقراطي التي نالت قسطاً وفيراً من أعماله وأشهرها بورتريهات ميشال شيحا وماري حنينة وشكري غانم وأمين الريحاني وجورج نقاش. إلى ذلك لوحات نصفية من نوع البورتريه لوجوه عائلة القرم من الأب والأم إلى الأشقاء والأصدقاء. لعل إقامة جورج في القاهرة حملته على متابعة مسار أبيه داود الذي تبوأ منصب الرسام الخاص لعائلة الخديوي عباس حلمي الثاني، كما وضعته على احتكاك مع الجاليات الأجنبية والمعارض الفنية التي سادتها النزعة الواقعية. بعد عودته إلى لبنان في منتصف الخمسينات، عكف القرم على رسم المناظر الطبيعية في نزهاته ما بين الريف والجبل والمدن والقرى فأضفى على مناظره شاعرية لونية خاصة.

لم ينتفض جورج القرم على كلاسيكية والده ولم ينضم إلى الاتجاهات الفنية الحديثة التي ظهرت غداة الحرب العالمية الأولى كالدادائية والتكعيبية، بل أكمل خط والده وإن بألوان مختلفة. واذا كانت مواهب الفنان تنوّعت بين الرسم والموسيقى والكتابة إلا أنها تكرّست في الرسم. رغم إجادته العزف على البيانو والجهد الذي بذله في إنشاء المعهد العالي للموسيقى، وكتاباته المتتالية عن الفن التصويري في لبنان والعالم وعن رسامين كاللبناني أنيس فليحان والمصري محمود سعيد والفرنسي كلود مونيه، إلا أنّ ولعه بالرسم طغى على ميوله الإبداعية الأخرى.

يستمر المعرض حتى 7 تموز/ يوليو المقبل.

back to top