Ad

عُقدة العُقد، أن السوريين لا يثقون بما يقوله إيهود أولمرت،

وهم لا يعتقدون أن حكومة إسرائيلية، بكل هذا الضعف،

قادرة على أي خطوة سلام حقيقية، ولذلك فإنهم مثلهم مثل الإيرانيين يرون أن الأولوية الحقيقية هي لانتظار حرب قادمة

لا محالة.

السؤال نفسه يتكرر: هل هناك حرب جديدة أخرى في هذا الصيف، سواء بين الولايات المتحدة وإيران، أو بين سورية وإسرائيل، أو حتى بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، على غرار ما جرى في يوليو ( تموز ) الصيف الماضي ...؟!

المناورات الجوية الضخمة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي وصفت بأنها تدريبات على أهداف وهمية تشبه المفاعلات النووية الإيرانية، ترجح أن هذا الصيف سيكون صيفاً حاراً، وأن خيار الحرب يتقدم على خيار السلام، وأن الأمور باتت متوقفة على أي اهتزاز في المعادلة القائمة.

وأيضاً فإن الرد الإيراني على هذه المناورات، والتهديد بأن إيران قادرة على ضرب كل القواعد الأميركية في هذه المنطقة يُشيران إلى أن طهران تتعامل مع هذه المسألة بمنتهى الجدية، وأنها في ضوء كل هذا الذي يجري تتوقع أسوأ الاحتمالات ولا تنام على أرائك سُندسية مريحة.

إذن، لماذا كل هذا الغزل السوري – الإسرائيلي الناعم، هذا مع العلم أن سورية وإيران تبحران في قارب واحد وتضعان نفسيهما في سلة تحالف استراتيجي واحدة ؟!

إن هذه هي أصول اللعبة، وحسب التجارب فإن الإعداد للحرب يقتضي مبالغات مرتفعة السقوف حول السلام، وهذا هو الذي يحصل الآن، إذْ إن مناورات النقب الأميركية – الإسرائيلية تأتي في ذروة تلويح الإسرائيليين برايات السلام، وبينما لا يتوقف كبار المسؤولين الإسرائيليين عن طمأنة سورية بأنه عليها أن تنام ملء جفونها، وأنها غير مستهدفة ولا تريد إسرائيل معها أي مواجهة جديدة.

وحقيقة، وإزاء كل هذا فإن السوريين يعرفون أن الإسرائيليين يلوحون لهم بأعلام السلام من قبيل المناورة، ومن أجل إبعاد الأضواء عن استحقاق الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، وإقناع الأميركيين بأن الوضع الفلسطيني غير مؤهل لأي خطوة سلمية جديدة، وأنه من الأفضل العمل على مسار آخر أهم هو مسار إبعاد سورية عن إيران خدمة للمصالح الأميركية في العراق وفي المنطقة.

لاشك في أن دمشق يطربها أن تستمع الى الأنغام «السَّلامية» التي يعزفها الإسرائيليون الآن، والسوريون كانوا يتحاشون منذ بداية العملية السلمية في بدايات تسعينيات القرن الماضي أن يتقدم أي مسار على مسارهم وبخاصة المسار الفلسطيني، لكن عقدة العقد على هذا الصعيد أنهم لا يثقون بما يقوله إيهود أولمرت، وهم لا يعتقدون أن حكومة إسرائيلية، بكل هذا الضعف، قادرة على أي خطوة سلام حقيقية، ولذلك فإنهم مثلهم مثل الإيرانيين يرون أن الأولوية الحقيقية هي لانتظار حرب قادمة لا محالة.

ولعل ما يعزز هذا الاحتمال أن الأميركيين يعيشون مأزقاً خانقاً، وأن إسرائيل تقتتل مع نفسها ومصابة بالارتباك وأنها بحاجة الى الهروب من هذا الواقع، وإن في اتجاه الحرب ...وكل هذا وبينما الشرق الأوسط كله يغلي فوق ألسنة نار حامية، فلبنان يواجه ألف عقدة وليس عقدة واحدة، وسورية تتصرف وكأن يدها في النار، وإيران تنخرط في حرب تسوية حسابات مع أميركا ساحتها العراق ...وهذا لا يمكن أن يعني إلا أن الحل هو بالحرب ...وأن الحرب قادمة لا محالة.

 

كاتب وسياسي اردني