الندوة التي أقامتها جريدة الجريدة خلال يومي 22 و23 فبراير الماضي، تحت مسمى «مستقبل الكويت... أسئلة مشروعة وأجوبة مستحقة» كان لها دورها وأهميتها من حيث انها عمل فردي تقوم به جريدة تجاه وطن، لها دور في خدمته، وان كان هذا الدور كنقطة أو درجة لعمل تراكمي سيُعطي نتائجه في وقت لاحق.
المهم أن تكون هناك أعمال فردية، ومؤسساتية لها دور فعال في بناء هذه الدولة، وهذا المجتمع في غياب المشروع الثقافي للدولة. وهذا ما يهمني طرحه في هذه المقالة، فالدور السياسي والاقتصادي، والرياضي له من يدافع عنه، أما المشروع الثقافي فأعتقد أن الدولة لم تمنحه التخطيط والدراسة الكافية للنهوض به. وفي ظل هذا الغياب يجب أن يتحرك النشاط الفردي والمؤسساتي للمساعدة والمساندة لتعويض الفراغ الناتج عن هذا النقص، فكل المجتمعات المتحضرة مثل الدول الأوروبية والأميركية واليابان وغيرها نجد مشاريع الدولة فيها تتساند وتتشابك مع المشاريع الفردية، وتتكامل الخطط بالتحام الوعي الثقافي لدى الجهتين، فنجد مثلا هناك متاحف للدولة ومتاحف لأفراد. والأمر ذاته مع قاعات الرسم والسينما والموسيقى والرقص والنحت، وصالات العروض والندوات الفنية، والمكتبات، والمعارض والمواسم الثقافية، وحتى الخطط التنموية والمشاريع ذات المدى الطويل، يتشارك في طرحها كل من الجهات الحكومية والمؤسسات الفردية، واقصد من كلامي هذا التوعية بأهمية الدور الفردي في قيادة المجتمع. لا يمكن أن نعتمد فقط على دور الدولة وحده لتخطيط حياتنا، وحياة أولادنا ومصير الثقافة في بلدنا. أهم الأعمال والأدوار في هذه الدنيا قامت من خلال حركات فردية، كان لها دور في تشكيل تيار أسس وعياً حضارياً وثقافياً غير المسار والمصير، وربما حركة فردية تثير اهتمام الدولة وتدفعها الى تبنيها ورعايتها، كل ما نريده هو تسليط الضوء على بقعة ما حتى تكبر وتلتهم ما حولها. فمثلا تبرُّع بعض الأفراد في الكويت لبناء مستشفيات لأمراض الكلى والعيون والحساسية دفع بآخرين إلى التسابق في طريق الخير لإنشاء مستشفيات أكثر واكبر، وحتى تجديد وتحديث بعض من المستشفيات الحكومية القديمة، وإنشاء مراكز ومستوصفات رائعة في اغلب المناطق، مما جعل أفضل المشافي في الكويت هي التي أنشأها وتبرع بها أفراد أحبوا وطنهم وناسهم وقدموا لهم ما ينفعهم من دون انتظار لحكومة أو سؤال. وهذا ما دفع إلى التسابق لبناء صالات الأفراح والمناسبات الاجتماعية، وهناك المكتبة الرائعة التي قدمها عبدالعزيز البابطين، ومهرجان الخرافي المسرحي وهو فرحة الشباب والفرق المشاركة، ولا أنسى ممتلكات الشيخ ناصر والشيخة حصة التي هي نواة متحف الكويت الوطني، وهي بحد ذاتها واجهة ثقافية متنقلة حول العالم. وأيضا متحف السيد طارق رجب الرائع، وغاليري جواد بوشهري، ودار الفنون، وغاليري غدير؛ الـخ ،،، إذن هناك ادوار فردية تصب في الثقافة، ولكن نتمنى أن يقتدي بها أثرياء هذا البلد، وان يساهموا في صناعة ثقافة هذا الوطن، مثلهم مثل غيرهم من أثرياء العالم الذين تعدى دورهم في صناعة الثقافة حدود دولهم، ليتدخل في تشكيل ثقافة العالم من حولهم. أتمنى أن يتسابقوا في إقامة مشاريع حماية التراث، وإقامة مسابقات لتعلم التراث البحري والصحراوي من رقص وغناء وموسيقى، وتشجيع الحرف الفنية والتراثية قبل أن تنقرض، وإقامة مسارح وصالات ومقاهٍ ثقافية للعروض والندوات، والحوارات الفكرية ومهرجانات متبادلة مع الثقافات من حولنا. إذن هي بقعة ضوء ستتسع حين تبدأ بخطوة فردية، ستتبعها خطوات كثيرة لاحقة. قدوة قد تنهض بمشروع وطني شامل... يتم بها تفعيل دور الفرد في مجتمعه.
توابل - ثقافات
بقعة ضوء تتسـع
31-03-2008