هو اسم معروف في الاعلام والريبورتاجات السياسية. ولكنّ الاعلامي الناجح لم يتجسّد يوماً على الشاشة فلم يعرف عنه الناس إلا اسمه. كان يكتفي بتحضير تحقيقاته السياسية والاجتماعية وببعض المقابلات الخاطفة التي ربما لم تجلب لإسمه شهرةً تشفي غليله. عرفناه معداً في فريق كلام الناس الذي يقدّمه الزميل مرسال غانم على شاشة الـLBC. لازم البرنامج مدّة سبع سنوات كانت كفيلة بإيهام الجميع أنّه فوق العقد الرابع على الأقل. وقرّر الاعلامي «الخفي» ذات يوم الخروج من قمقمه لملاقاة الناس على الشاشة، لمَ لا إن كان يملك في جعبته ما يكفي لإبهار الناس بنوعٍ جديد من الصحافة المرئية؟ أعدّ العدّة للانطلاق في مهنته كمحاورٍ في برنامج «أحمر بالخط العريض» بعيداً عن عالم الاعداد وما وراء الكواليس. وما ان أُعلن تاريخ عرض حلقته حتى تسمّر الفضوليون الراغبون في التعرّف الى ملامح الاعلامي المجهول الشكل أمام الشاشات ليفاجأوا به شاباً في مقتبل العمر، فزاد الأمر من إعجابهم به وتقديرهم لبراعته المهنية. شغفه الاساسي هو البرامج السياسية ولكنه لا يجد نفسه بعيداً عن القضايا الاجتماعية، فالسياسة والمسائل الاجتماعية «وجهان لعملة واحدة» يقول. يذكّرنا برنامجه بالبرامج الاجتماعية الفرنسية العريقة، وقد غدا في فترة قصيرة محط كلام الناس في لبنان والعالم العربي. ولكن هل يستطيع الاعلامي الشاب تجاوز الخطوط الحمر في برنامج يتطلّب أقصى درجة من الشفافية والصدق؟ سؤال أجاب عنه مالك مكتبي في حوار مشوّق مع «الجريدة».من هو مالك مكتبي؟
هو شاب درس الادارة المالية في الجامعة اللبنانية الاميركية في بيروت، سعياً لضمان استمرارية عمل العائلة، بما أنّ مؤسسة مكتبي هي ملك والدي. لم أجد نفسي في هذا المجال وكنت أحضر بعض الحصص الاعلامية التي كان يعطيها الاعلامي مرسال غانم في الجامعة وقد أحببتها كثيراً، فسمح لي مرسال أن أحضر الى استديو تسجيل «برنامج كلام» الناس ساعة أشاء والمساعدة في الاعداد. وهكذا فعلت. بدأت أولى خطواتي في مهنة الصحافة مع حلقة «عمري من عمر الـLBC» الخاصة التي أعدّها مرسال وساهمت أنا فيها. شعرت منذ تلك اللحظة أنّ الاعلام مهنة تستهويني وأردت الغوص في غمارها، فسافرت الى لندن لهذه الغاية حيث قصدت جامعة London School of Oriental and African Studies، حيث التقيتُ بزميلي مازن لحام وحين رجعنا الى بيروت عملنا معاً في فريق مرسال غانم.
من عرض عليك تقديم برنامج خاص بك؟
إدارة الـlbc كانت تبحث عن برنامج اجتماعي، فعرضت عليّ الأمر علماً أنّني تلقيتُ سابقاً عروضاً أخرى لم تجذبني إليها لأنّها كانت تتعلّق ببرامج المنوعات الخفيفة التي لا أجد نفسي فيها.
هل شعرت بالخوف؟
طبعاً، لأنني شعرتُ أنّ الادارة حمّلتني مسؤولية كبيرة، خصوصاً أنّ البرنامج مباشر ويتوجه الى العالمين اللبناني والعربي في آن.
ألم تخشى تقديم برنامج يتوجه الى العالم العربي؟
لا. لأنّني عشتُ زهاء الـ15 سنة في المملكة العربية السعودية، فكنتُ على اطلاع بطريقة التفكير العربية والعقلية العربية.
وخطوطها الحمر؟
(يضحك) وخطوطها الحمر.
من شجّعك على خوض هذه المغامرة؟
مرسال أول من شجّعني ومنحني ثقة بنفسي.
ما كان شعورك بعد بثّ أول حلقة وانتقالك من وراء الكواليس الى عالم الأضواء؟
لستُ بطامحٍ الى الشهرة. يهمني التقدير الذي يبادلني به الناس وهذا أهمّ أمر عندي. فريق عملي فريق صغير وكلّ نجاح نحققه هو بالنسبة إلينا بمثابة انتصار خصوصاً في ظلّ الظروف الامنية الصعبة التي يعاني منها لبنان. فمجرّد وصول الضيف الى الفندق أحياناً كفيل بإدخال البهجة الى قلوبنا، فالأوضاع الامنية لا توحي بالتفاؤل والضيف قد يلغي حضوره لهذا السبب بالذات في اللحظات الأخيرة.
من اختار اسم «أحمر بالخط العريض» ولماذا؟
أنا ومازن لحام، أما لماذا فلأنّ البرنامج يسلّط الضوء على المحرّمات السائدة في مجتمعنا.
ما الفرق بينه وبين البرامج الأخرى التي تعالج هذا النوع من القضايا؟
لا يسعى الى معالجة المسألة بل يطرح الاسئلة المتمحورة حولها فحسب ويترك للمشاهد هامشاً من الحرية ليقبل ما يريد أن يقبله ويرفض ما لا يتقبّله. من هنا لا أستضيف الأطباء أو الملمّين بعلم النفس أو الاجتماع كما تفعل البرامج الأخرى. هدفي هو أن أوجّه الانظار الى أهمية الموضوع المطروح ليس إلا.
كيف تختارون الاشخاص المشاركين في الحلقات خصوصاً أنّ البرنامج مثير للجدل ومن الصعب أن يشارك فيه الشخص إن لم يكن منفتح الذهن ومتقبلاً لانتقادات الآخرين التي لا بدّ أن تنهال عليه لمجرّد مشاركته؟
عندنا شبكة من المعارف في العالم العربي وقد أشارك أنا شخصياً في البحث عن المشاركين. ففي موضوع الموسيقى وعالم الراب مثلاً قصدت شخصياً السعودية بحثاً عن المشاركين في الحلقة.
هل وجدت صعوبة في البحث عن مشاركات في حلقة «النساء المستقلات»؟
نعم طبعاً. من الصعب أن نجد فتاةً تقبل في العالم العربي أن تتحدّث عن عالمها الشخصي على الشاشات ولكن الامر ليس بمستحيل، فقد برهنت في الحلقات التي قدّمتها حتى الآن أنّ هناك دائماً أشخاصاً يعيشون حياةً أخرى وهم مستعدون لأن يتكلّموا عن تجاربهم إذا سنحت لهم الفرصة، مثلما فعل «الرابر» السعودي الذي دخل الى السجن لاستخدامه كلمات بذيئة وخرج منه بعد فترةٍ نادماً.
ما هي برأيك مقوّمات نجاح الاعلامي؟
مزيج من العناصر التي تكمّل بعضها. إنّها حلقة مترابطة قوامها الاعلامي والضيف والديكور نفسه.
هل يمكن أن يحقّق الديكور مثلاً نجاحاً لبعض البرامج القائمة على الإبهار النظري؟
يمكن ولكنه نجاح موقت لا بدّ أن يزول بعد فترة.
هل تتّكل على فريق الاعداد في البرنامج؟
الاعلامي الذي لا يعدّ مواضيعه بنفسه ولا ينزل الى الشارع ليس بإعلاميّ ناجح. قد يساعدني فريق الاعداد ولكنني أشارك في الاعداد بشكل أساسي الى جانب زميلي جورج موسى والتنسيق لفدا باسيل وايدي عازار وانتاج باتريسيا عبود وغنوة ابو سمرا وهشام جيدون وتولى الاخراج سعيد خليل.
هل تقبل كل ما يقوله لك المخرج؟
لا. يجب أن أكون مقتنعاً بما يطلبه مني وأقدّر وجهة نظره طبعاً.
هل تبحث عن إبراز دورك كإعلامي في البرنامج كما يفعل البعض؟
هدفي هو أن يخبر ضيوفي تجاربهم وليس العكس. لستُ موجوداً في المعادلة إلا بمقدار تسليطي الضوء على تجارب هؤلاء.
إذاً لست مع طغيان الاعلامي على الضيف؟
لا. لأنني أقرب الى منطق البرامج الاجنبية التي تركّز على الضيف من دون أن تلغي دور الاعلامي الذي يقوم على قدراته نجاح البرنامج.
ما هو البرنامج الذي تحب الاقتداء به؟
Hard Talk على الـBBC. أعشق هذا النوع من البرامج. كذلك أحب البرامج الاجتماعية التي تُبث على شاشتي
الـFrance 2 والـTf1 .
هل لأنّها تعالج مواضيع عميقة؟
ليس من موضوع تافه في نظري. يمكنك أن تعالج أيّ موضوع مهما بدا تافهاً بطريقة مبتكرة، وهنا تظهر براعة الاعلامي في قدرته على طرح المشكلة من منظار جديد لم يتطرّق اليه الآخرون بحيث تبدو أتفه الامور مهمة.
أخبرنا عن علاقتك بالكاميرا، كيف هي؟
أشعر أنّ لديّ ما أقوله وأفعل ذلك تماماً.
ما هي أبرز نقاط القوة فيك كإعلامي؟
عفويتي. أنا شديد العفوية أمام الكاميرا.
هل أنت سعيد بمَ حققته حتى الآن في البرنامج؟
سعيد ومتفاجئ في آن. لم أتوقّع أن أحصل على ردّة الفعل هذه. فمجرّد أن تنتهي الحلقة حتى تنهال عليّ الاتصالات من مختلف البلدان. علمت مثلاً أن عدداً لا يستهان به من الكويتيين يتابع البرنامج وهذا وحده يرضيني.
على الهامش* من انجح مقدّم في نظرك؟
مرسال غانم. علمني الكثير خصوصاً كيفية كسب ثقة الناس واحترامهم.
* الى أي نوع من الموسيقى تستمع؟
إلى أغنيات السيدة فيروز وأعشق صوتها كذلك ام كلثوم، واحب الفنانة اللبنانية نجوى كرم وتربطني بها صداقة عائلية. من جهة اخرى تلفتني الاغاني الفرنسية القديمة.
* ما اهم صفة تبحث عنها في صديقك؟
الوفاء
* أبرز صفاتك؟
عقلاني ولا أعطي ثقتي للجميع.
* من هي المرأة التي تلفتك؟
تشدّني المرأة القوية الشخصية والعاملة.
* هل تعيش حالة حب راهنا؟
(يضحك) هذا الموضوع خط احمر.
* اي تيار سياسي تؤيد؟
لا اؤيد أحداً، لأن السياسة شوّهت الصورة الجميلة عن لبنان ولا أحب خوض غمارها.
* عنوان آخر كتاب قرأته؟
24hheures de la vie d’une femme
* كم تبلغ من العمر؟
(يضحك) 28 سنة.
مالك مكتبي في سطورحائز اجازة في ادارة الاعمال في القطاعين المالي والمصرفي، من الجامعة اللبنانية - الأميركية في بيروت وعلى ماجستير في الدراسات والعلاقات الدولية من جامعة لندن. دخل حقل التلفزيون من خلال تجربته الاعدادية في برنامج «كلام الناس». في رصيده عدد لا يستهان به من المقابلات التلفزيونية المباشرة مع ابرز الوجوه السياسية العالمية. أعدّ حلقات خاصة بالشباب وتقارير حول مواضيع سياسية واجتماعية حساسة اهمها ملفّ الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية والسورية.