بالحبر الوردي... ابتسم أنت في الكويت!
سأحاول جاهداً في مقالاتي المقبلة أن أرسم ابتسامة التفاؤل على ملامح القلم حتى وهو يرسم مشاهد الواقع العليل، ولعلي أنجح في إقناع إدارة التحرير أن تطبع مقالاتي من الآن فصاعدا بالحبر الوردي كعلامة على حسن النية!
عوتبت من البعض على ما لمسوه من تشاؤم وسوداوية في مقالتي «ديموقراطيتنا لا تساوي فلسا» التي نشرت الأحد الماضي، وذكرني أحد الظرفاء، وكالعادة، بحديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: (إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم).لامشكلة في أن أعتذر ممن أثار مقالي توترهم وأتعب نفوسهم، فأنا لا أريد التورط والتسبب بمشاكل نفسية لأحد فما في الناس يكفيهم، لكنني سأجدني مضطراً في الوقت ذاته للقول إن قتامة الصورة وسوداويتها لم تأت من صنع خيالاتي وظنوني، إنما لأنها تعكس حقيقة الواقع المختطف لقوى الفساد ومافيات نهب البلد ومقدراته.وكنت أتمنى على من عاتبوني، أو بعضهم على الأقل، لو أنهم تركوا مسألة التفاؤل والتشاؤم جانباً كونها معياراً غير موضوعي لا يستند إلى مقياس محدد، وانصرفوا نحو تفنيد ما تطرقت إليه من إشارات مباشرة وصريحة لمواضع الاعتلال في واقعنا السياسي والاقتصادي. على أي حال، سأحاول جاهداً في مقالاتي المقبلة، وربما ابتداءً من هذا المقال، أن أرسم ابتسامة التفاؤل على ملامح القلم حتى وهو يرسم مشاهد الواقع العليل، ولعلي أنجح في إقناع إدارة التحرير أن تطبع مقالاتي من الآن فصاعدا بالحبر الوردي كعلامة على حسن النية!كلمة أخيرة، وهي حول حديث هلك الناس، فكثير ممن يتداولونه لا يدركون معناه، فما جاء في تفسيره بعيد كل البعد عن قيام الشخص بالتنبيه والإشارة الى الخلل والفساد بلغة قاسية كما أفعل عادة، إنما جاء عمن يُيَّئسون الناس من رحمة الله، وهو ما لا أقول به، فالله أرحم الراحمين، لكنني أعلم أيضا أنه جل جلاله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن تغيير واقعنا المعتل لن يأتينا كمنحة إلهية أو معجزة، إنما نتيجة لعملنا الجاد نحو تغييره بأنفسنا، وبداية التغيير لن تكون إلا بالإدراك الكامل للحقائق والتشخيص السليم للواقع، وإن بقينا لا نريد أن نصدق بأن الوضع الخطير، فستكون النتائج أخطر.موضوع اليوم، الذي سأضطر أن أتناوله بجمل سريعة، يدور حول صفر ضائع... حكومتنا الرشيدة وعبر سنوات طوال تعاقب فيها وزراء مختلفون على حمل حقيبة الإسكان أخبرتنا بأنها ستحل مشكلة الإسكان خلال سنوات معدودة، وأنها مع العام 2011 ستكون قد وفرت 70 ألف وحدة سكنية، ونتذكر على وجه الخصوص بأن وزير الإسكان السابق بدر الحميدي كان حريصا على الظهور في الصحف بمعدل مرة أو مرتين أسبوعياً، على الأقل، لتكرار هذه القصة. منذ أيام قليلة، وفي الكتاب المرسل من قياديي المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى مجلس الوزراء تكشّف أن ما سيتم توفيره في الحقيقة لن يتجاوز السبعة آلاف وحدة سكنية، أو ربما فوقها بقليل. أي أن الفرق هو فقط عشرة أضعاف!حسنا، وامتثالا للعهد الذي قطعته على نفسي، لا داعي للقلق (والتشاؤم)، فليس في الموضوع سوى صفر ضائع... صحيح أنه صفر على اليمين، تطير به رؤوس في أماكن أخرى من العالم، لكن لنبتسم فنحن في الكويت، وسنبقى متفائلين بانتظار تفسير مقنع من حكومتنا الرشيدة.وبالطبع ما كنا لنظن أبداً بالحكومة مظنة السوء وأنها كانت تبيعنا الوهم عبر هذه السنوات الطوال وتعبث بمشاعر آلاف الأسر الكويتية بحكاية مزيفة!