الانتظار!!

نشر في 29-04-2008
آخر تحديث 29-04-2008 | 00:00
 صالح القلاب

كل العالم ينتظر المرحلة الانتقالية للرئاسة الأميركية، فالسوريون يعتبرون أن خصْمهم هو جورج بوش هذا ما غيره، وأنه أكثر عداوة لهم حتى من أولمرت، واللبنانيون، يعتبرون أن السياسة في هذه الفترة تشبه اللعب في الوقت الضائع، أما الإيرانيون فهم أيضاً ينتظرون أن يرحل الجمهوريون بلا عودة.

الكل ينتظر السوريون واللبنانيون والفلسطينيون والعراقيون والإسرائيليون والإيرانيون والسودانيون والصوماليون... والعرب كلهم، فهذه المرحلة في الولايات المتحدة تعتبر مرحلة انتقالية بين إدارتين، الإدارة الحالية التي غدت إدارة قديمة والإدارة المقبلة التي هي إدارة جديدة عندما يحين أوانها. والرئيس في هذه المرحلة الحالية يعتبر «بطة عرجاء»، والحقيقة أنه ليس بطة عرجاء فقط، بل بطة معطلة تماماً وتعيش على أساس: «أعطنا خبزنا كفاف يومنا»!!

السوريون يعتبرون أن خصْمهم هو جورج بوش هذا ما غيره، وأنه أكثر عداوة لهم حتى من أولمرت ومن الإسرائيليين بكل مللهم ونحلهم. لذلك، ولأنهم تفاءلوا خيراً بزيارة رئيسة الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي الديموقراطية لهم، فإنهم ينتظرون فوز أحد الديموقراطيين هيلاري كلينتون أو باراك أوباما عسى أن يغير السياسة الأميركية التي يتبعها الجمهوريون تجاههم.

واللبنانيون ينتظرون وهم، معارضة وموالاة، يعتبرون أن السياسة في هذه الفترة تشبه اللعب في الوقت الضائع حيث هناك إدارة بدأت تحزم حقائبها للرحيل عن البيت الأبيض وإدارة ستحل محلها في بدايات العام المقبل. وبالطبع فإن حلفاء سورية وإيران يبتهلون إلى الله أن ينْصر الديموقراطيين في هذه المعركة المحتدمة كما نصرهم «الانتصار الإلهي» في حرب يوليو 2006، بينما تحالف الرابع عشر من آذار، ينتظر أن يكون الفوز إلى جانب جون ماكين الذي يعتبرونه أكثر صقورية من جورج بوش «الابن» وأكثر صقورية من أبيه.

أما الفلسطينيون فإن حالهم «لا تسر الصديق ولا تغيظ العدا» فالسلطة بقيادة محمود عباس (أبو مازن) ترى أن عصفوراً في اليد خيرٌ من عشرة عصافير على الشجرة، وأن اللعب مع الرئيس الأميركي الحالي المعروف والمجرب، الذي هو على الأقل صاحب وعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قبل نهاية العام الحالي، أفضل من المراهنة على الغيب الذي لا تجوز المراهنة عليه وذلك بينما «حماس» تدور في الدائرة السورية والإيرانية ولا تخرج عنها وشعارها: «ما أنا إلاَّ من غزيِّةٍ إن غوت غويت»!!

والعراقيون، الذين لا تستطيع حتى قارئة الفنجان التي قرأت فنجان نزار قباني وعبدالحليم حافظ أن تقول لهم ما الذي ينتظرهم عند أول منعطف طريق، هم بدورهم ينتظرون. ينتظرون ماذا؟ لا أحد يعرف... المهم أنهم كلهم ينتظرون. فرئيس الوزراء نوري المالكي ينتظر، ومَن عيونهم على الكرسي الذي يجلس فوقه ينتظرون، ومقتدى الصدر ينتظر، وكذلك «القاعدة» والمجلس الأعلى والصحوات وحزب الدعوة... و«المقاومة» التي تسجل يومياً بطولات مخزية من خلال السيارات المفخخة التي تمزق أجساد العراقيين وأجساد نسائهم وأطفالهم.

وأيضاً فإن «أبناء العمومة»، أصابهم الله بعمى القطط، وجميعهم ينتظرون؛ أولمرت ينتظر، ووزير دفاعه إيهود باراك الذي ينتظر أيضاً، وكذلك وزيرة خارجيته وخصمه العنيد بنيامين نتنياهو، والشعب الإسرائيلي، الذي عوَّد الأميركيين على الرقص للقادم والشتم على الراحل، هو بدوره ينتظر رحيل جورج بوش ومعه رحيل وعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة «التي لن تكون كقطعة من الجبنة السويسرية... والقابلة للحياة والاستمرار».

والإيرانيون هم أيضاً ينتظرون أن يرحل الجمهوريون بلا عودة، مع أنهم ذات يوم اشتروا فوز رونالد ريغان على الديموقراطي جيمي كارتر بالإفراج عن رهائن السفارة الأميركية... وهكذا ومادام أن الكل ينتظر من مطلع الشمس حتى مغيبها، فإن السودانيين والصوماليين لا يملكون هم بدورهم إلاَّ الانتظار وعسى الله أن يبدل حالهم «المايلة» بحالٍ أفضل منها وعسى أن تعطيهم أزمة الغذاء العالمية المكانة التي بقوا يحلمون بها منذ سنوات طويلة!!

* كاتب وسياسي أردني

back to top