ضحايا الإسفلت
لم ينجح المجتمع حتى الآن في تحويل موضوع ضحايا المرور الذين أُزهقت أرواح 2631 شخصاً منهم خلال السنوات الست الماضية إلى قضية عامة تلفت انتباه الحكومة ومجلس الأمة إلى حجم الجريمة المسكوت عنها.
لم تنل قضية وفيات المرور نصيبها من الاهتمام بالنظر الى حجم الضحايا الكبير الذي أخذ يتزايد بشكل مخيف خلال السنوات الست الماضية، فيما بقي الرقم في حدود معينة ومخيفة منذ العام 1998 ولسنوات وحتى الآن، والاهتمام المطلوب ليس في نقد إدارة المرور أو تحميلها وحدها مسؤولية هذه الجريمة اليومية التي باتت تحصد شخصين على الاقل يومياً، بل في تحويل كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدني هذه القضية الخطيرة الى قضية مجتمعية، ونقول ذلك بسبب أن المؤشرات الرقمية باتت تصنف دولة الكويت من بين الدول الأكثر تضررا من هذه القضية. منذ العام 2000 حتى العام 2006 حصدت الحركة المرورية 2631 ضحية، وهو رقم مهول بالنسبة الى حجم السكان، ويضاف الى ذلك الاصابات المتنوعة ومنها البليغة، التي تفوق ذلك الرقم بثلاثة أضعاف، وينتج عنها اعاقات متنوعة منها المستديمة أو الجزئية، وتتم معالجة الكثير من هذه الحالات في مستشفى الرازي للعظام الذي يمتلئ بالضحايا خصوصا من فئة الشباب.ورغم تزايد عدد المخالفات المرورية التي يرصدها رجال المرور بشكل ملحوظ (من 985350 مخالفة في عام 2000 إلى 3.043.451 مخالفة في عام 2004) إلا أن ذلك لم ينعكس على ضبط عدد الوفيات أو الحد منه على الأقل، وكانت الحكومة في العام 2001 قد عولت كثيرا -ممثلة بوزارة الداخلية- على سياسة زيادة قيمة المخالفات، التي زادت من 15 ديناراً الى 50 ديناراً بالنسبة الى تجاوز الاشارة الحمراء مثلاً، إلا أن ذلك لم يؤد الى أي نتيجة تذكر على الوضع المروري العام فالمخالفات في ازدياد والوفيات كذلك. فبعد أمراض القلب تأتي الحوادث المرورية كسبب ثان للوفيات في الكويت، فالاول حصد في عام 2006، 669 شخصاً، بينما السبب الثاني قتل 460 شخصاً خلال نفس العام. وتؤكد الارقام الواردة من المؤتمرات المنعقدة حول القضية المرورية في الكويت أن المقارنة بين عدد الحوادث والوفيات تصل الى أربعة اضعافها في الدول الصناعية، وان 80% من حوادث الطرق تأتي لاسباب بشرية تتعلق بنمط القيادة، بينما تتوزع الاسباب الاخرى بين الأسباب الميكانيكية الخاصة بالسيارة أو تلك الخاصة بهندسة الطرق. وأمام هذه المشكلة الكبيرة، ولكونها تمس بشكل كبير شريحة الشباب خصوصا من الفئات العمرية الممتدة من 20 الى 40 سنة، فإن الوضع يتطلب اتخاذ اجراءات عملية وجادة، والالتفات إلى اساليب اخرى للحد من هذه الوفيات ان كان ايقافها يعد معجزة.وفي هذه الصدد يطرح المختصون عددا من الاجراءات المهمة في هذا الصدد ومنها اعتماد مبدأ التدرج في منح رخص القيادة بمعنى ان يخضع المبتدئ لفترات من التجربة حتى يحصل على تلك الرخصة، وثانيا التشدد في تطبيق القوانين المهملة (كقانون حزام الامان) واصدار قوانين جديدة كقانون منع استخدام الجوال اثناء القيادة. ويعلق بعض المراقبين على سوء تطبيق آلية كاميرات الرصد التي اعتاد السائقون على أماكنها الى الحد الذي فقدت فيه الهدف من وضعها، والاستعاضة عنها برادارات الرصد المخفية كما هي الحال في العديد من الدول الخليجية القريبة. يضاف الى ذلك اعتماد سياسة جديدة في اختبارات فن القيادة والتشدد في تطبيقها، والتأكد من معرفة السائق للأمور العامة في جسم المركبة، ويجرنا الحديث حول هذه الجزئية الى ضرورة اعتماد سياسة اكثر مهنية في عملية فحص المركبات الدورية، الذي قد يتسبب الاهمال فيه بالعديد من الحوادث المتعلقة بسوء شروط المتانة والسلامة للمركبات. من المهم، والوضع المروري يراوح مكانه، أن تأخذ السلطتان التشريعية والتنفيذية هذا الملف على محمل الجد لوقف نزيف الوفيات المتزايد وغير المبرر، ومن الواجب مراجعة كل السياسات الحالية من نظام المخالفات، وتطبيق القانون، ومنع الواسطات، وتحسين الطرق، وفرض شروط لحيازة اجازة القيادة وغيرها من المواضيع التي لم تعد تتحمل تأجيلاً، فكل تأخير في حل هذه المشكلة سيضاعف عدد «قرابين الإسفلت»!! الحوادث المرورية محلياً● منذ العام 2000 حتى اليوم يتراوح عدد ضحايا المرور من الوفيات ما بين 350 إلى 450 شخصا وفي عام 2006 وحده بلغت الوفيات 460 حالة.● تعادل نسبة الوفيات مقابل الحوادث في الكويت 4 أضعاف مثيلتها في الدول الصناعية.● تقدر الاحصاءات المحلية ان أكثر من 80% من حوادث الطرق ترجع الى أسباب بشرية.● أهم أسباب حوادث الطرق في الكويت، السائق، الأسباب الميكانيكية، طبيعة الطرق.● بدء تطبيق قانون المرور المغلظ بالغرامات العالية في نوفمبر 2001.● تزداد حالات الإصابة بالكتف في الكويت نتيجة الحوادث المرورية أو الوقوع.● تزيد نسبة الاناث والأطفال في الوفيات بسبب مرافقتهم للسائق، وقد بلغ تعداد الاناث المتوفيات في عامي (2003 - 2004) 398 حالة وفاة، فيما بلغ عدد الذكور لنفس الفترة 347 حالة وفاة. ● تأتي الكويت في المرتبة الثانية عالميا في عدد الجرحى من حوادث المرور، اذ تصل ا لنسبة الى 2231 لكل 100 ألف، بينما تصل في النرويج الى 178حالة.عالمياً● تصل أرقام ضحايا المرور عالمياً في كل سنة الى ما بين مليون ومليون ونصف شخص متوفى.● تبلغ تكلفة المصابين في الدول النامية من جراء حوادث المرور 65 مليون دولار.● تأتي حوادث المرور في المرتبة الثانية للوفيات للفئات العمرية من 30 - 44 عاماً.● منظمة الصحة العالمية تؤكد ان حوادث الطرق ستكون المسبب الثالث للوفاة في العالم في سنة 2020 بعد امراض القلب والكآبة.● تزداد الاصابات من جراء قيادة الدراجات النارية 35 مرة ضعفاً عن الاصابات الناجمة عن قيادة السيارات.اختصاصات المجلس الأعلى للمرور● وضع السياسات العامة والخطط في مجال المرور والعمل على تطوير خدماته.● دراسة مشكلات المرور واقتراح أساليب علاجها تمهيدا لاتخاذ الاجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ.● التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات التي يؤثر عملها في حسن انتظام المرور.● ابداء الرأي في المسائل الأخرى التي يرى وزير الداخلية عرضها على المجلس.دوّار أم إشارة؟حادثة جميلة وقرار حكيم جرى في إحدى المدن الالمانية، ذكرني بما يجري عندنا في الكويت، الحادثة حصلت في مدينة ألمانية اسمها «بومتي»، حيث قرر المجلس البلدي فيها إلغاء جميع اشارات المرور لتحسين السلامة المرورية.كلنا يتذكر، والامر لايزال يحدث في الكويت، عندما تقوم الحكومة ببناء مناطق سكنية جديدة فيتم تغيير معالم الطرق فيها بعد أشهر من سكن الناس في المنطقة. وأول تلك التغيرات إزالة اشارات التقاطعات واستبدالها بفكرة الدوار بسبب كثرة الحوادث والوفيات التي تحدث من وراء تجاوز الاشارات الحمراء، تكاليف هذه التغييرات بالملايين والارواح التي تزهق من رعونة بعض السائقين كثيرة وكبيرة حتى لو كان الضحية واحدا أو اثنين. بالطبع لا أحد يفهم لماذا يتم تصميم الطرق باعتماد التقاطعات وتعديلها لاحقاً!... إلا كون المسألة خسائر مادية تلحقها خسائر بشرية لا يمكن تعويضها. نذكر ذلك في أضخم مشروع إسكاني تم في الكويت وهو مشروع القرين الذي يتكون من أربع مناطق رئيسة تحولت لاحقاً الى محافظة، وما تم لاحقاً من تغييرات كبيرة وجوهرية على الطرق داخل المناطق وتأثيرات تشييد هذا المشروع على خط السفر السريع، حيث تم فتح أكثر من منفذ عليه من المناطق، ولا يمكن فهم هذه التغييرات إلا كونها سوء تخطيط من الجهات المسؤولة في وزارتي الداخلية والاشغال.فإلى متى يستمر مسلسل سوء التخطيط؟ ولماذا لا يكون «الدوار» أولاً؟ أم في المسألة تنفيع؟!(م.ع)