Ad

بدا المؤلفان جون ميرشايمر وستيفن والت حريصين كل الحرص في التعاطي مع قضية اللوبي الإسرائيلي، وهو ما ظهر في الجزء السابق، الذي استندا فيه إلى قدر كبير من المعلوماتية والأسانيد، للتدليل على حججهما بشأن هيمنة اللوبي الإسرائيلي وتغلغله داخل تفاصيل الجسد الأميركي، وقد ركز الجزء الثالث من كتابهما «اللوبي الإسرائيلي» على استعراض التفاوت النسبي بين حجم اليهود وثقلهم، إذ لا تتجاوز نسبتهم 3% من المجتمع الأميركي، بينما يسهمون بأكثر من 60 في المئة من تبرعات الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الديموقراطي.

وينتقل المؤلفان إلى استعراض الملعب الأثير عند اللوبي الإسرائيلي، وهو ساحة الإعلام، التي يجد فيها مؤيدو إسرائيل مرتعاً هائلاً لممارسة نفوذهم وتأثيرهم في الرأي العام الأميركي، ولا تقتصر حال المد والاختراق على أجهزة ومؤسسات الإعلام فحسب، بل تمتد إلى مخازن العقول والخبراء والمراكز البحثية والمعاهد والجامعات الأكاديمية أيضاً.

سلاح السامية

قام عدد من المتبرعين اليهود أخيراً بإنشاء برامج للدراسات الإسرائيلية (بالإضافة إلى نحو 130 برنامجاً للدراسات اليهودية موجودة أصلاً)، لكي يزيد عدد العلماء المتعاطفين مع إسرائيل في الجامعات الأميركية.

في مايو 2003، أعلنت جامعة نيويورك عن تأسيس مركز «تاوب» للدراسات الإسرائيلية؛ كما بدأت برامج مماثلة في جامعات بيركلي، وبرانديس وإيموري.

ويشدد مديرون أكاديميون على قيمتها التربوية، لكن الحقيقة أن المقصود بها في معظمه هو الترويج لصورة إسرائيل، وفي هذا السياق، أوضح رئيس مؤسسة تاوب، فريد لافلر، أن مؤسسته مولت هذا المركز في جامعة نيويورك للمساعدة على مقاومة «وجهة النظر العربية»، التي يعتقد أنها سائدة في البرامج الشرق أوسطية في جامعة نيويورك.

لن تكتمل أي مناقشة بشأن اللوبي من دون دراسة أحد أقوى أسلحته: تهمة معاداة السامية، إن أي شخص ينتقد أفعال إسرائيل أو يجادل بأن المجموعات المؤيدة لإسرائيل لها نفوذ مهم على السياسات الأميركية بشأن الشرق الأوسط - وهو نفوذ تفخر به لجنة «إيباك» - سيتمتع بفرصة جيدة لاعتباره معادياً للسامية.

في الحقيقة، فإن أي شخص يدّعي أن هناك «لوبي» إسرائيلياً في المقام الأول، سيتعرض لخطر الاتهام بمعاداة السامية، رغم أن أجهزة الإعلام الإسرائيلية نفسها تشير إلى «اللوبي اليهودي» في أميركا، وبعبارة أخرى، يتبجح اللوبي بنفوذه أولاً، وبعد ذلك يهاجم أي شخص يلفت الانتباه إليه، إنه تكتيك فعال للغاية: فمعاداة السامية أمر لا يريد أحد أن يُتهم به.

كان الأوروبيون أكثر رغبة من الأميركيين في انتقاد السياسة الإسرائيلية، الأمر الذي يعزوه بعض الناس إلى انبعاث معاداة السامية من جديد في أوروبا.

قال السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي في أوائل عام 2004، إننا «نقترب من نقطة يبلغ فيها الأمر من السوء ما بلغه في ثلاثينيات القرن العشرين».

يمثل قياس معاداة السامية مسألة معقدة، لكن أهمية الأدلة تشير إلى الاتجاه المعاكس، وفي ربيع عام 2004، عندما كانت الاتهامات الأوروبية بمعاداة السامية تملأ أجواء أميركا، أجريت استطلاعات منفصلة لقياس الرأي العام الأوروبي من قبل «رابطة مناهضة التشهير» التي يقع مقرها في أميركا، ومركز «بيو» للبحوث المتعلقة بالشعب والصحافة، التي بينت أن مسحة العداء كانت تنخفض في الحقيقة.

وفي ثلاثينيات القرن العشرين، وعلى العكس من ذلك، لم تكن معاداة السامية واسعة الانتشار بين الأوروبيين من المشارب جميعها فحسب، بل كانت تُعتبر أمراً مقبولاً تماماً.

أعداء خبثاء

في كثير من الأحيان، يصور اللوبي وأصدقاؤه فرنسا على أنها البلد الأكثر عداء للسامية في أوروبا، لكن في 2003، قال رئيس الجالية اليهودية في فرنسا: «إن فرنسا ليست أكثر معاداة للسامية من أميركا»، وحسب مقالة نشرتها أخيراً صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن الشرطة الفرنسية ذكرت أن الحوادث المعادية للسامية انخفضت بنحو 50 في المئة في عام 2005؛ وذلك رغم أن فرنسا تضم عدداً من السكان المسلمين أكبر من أي بلد أوروبي آخر، وأخيراً، عندما قتل يهودي فرنسي في باريس في عام 2006 من قبل عصابة إسلامية، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع للتنديد بمعاداة السامية، كما حضر جاك شيراك ودومينيك دو فيليبان كلاهما حفل تأبين الضحية لإظهار تضامنهما.

لا ينكر أحد أن هناك معاداة للساميّة بين المسلمين الأوروبيين، يُثار بعض أحداثها نتيجة السلوك الإسرائيلي نحو الفلسطينيين، وبعضها الآخر عنصري بكل بساطة، لكن هذه مسألة منفصلة ذات أثر ضئيل لا يوحي بأن أوروبا اليوم تشبه أوروبا في ثلاثينيات القرن العشرين، ولا ينكر أحد أنه لايزال هناك بعض أعداء السامية الخبثاء من سكان أوروبا الأصليين (كما هي الحال في الولايات المتحدة)، لكن أعدادهم قليلة ووجهات نظرهم مرفوضة من قبل الأغلبية الساحقة من الأوروبيين.

عند الضغط عليهم لتجاوز الزعم المجرد، يدّعي المدافعون عن إسرائيل أن هناك «معاداة جديدة للسامية»، الأمر الذي يسوون بينه وبين انتقاد إسرائيل، وبعبارة أخرى «انتقدْ السياسة الإسرائيلية وستكون معادياً للسامية تلقائياً». عندما صوّت المجمع الكنسي للكنيسة الإنكليزية أخيراً، على توبيخ شركة «كاتربيللر» وتأكيد انحرافها لتصنيعها البلدوزرات المستخدمة من قبل الإسرائيليين لهدم بيوت الفلسطينيين، اشتكى الحاخام اليهودي الأكبر بأن هذا الأمر «ستكون له تداعيات أكثر سلبية على... العلاقات اليهودية - المسيحية في بريطانيا»، بينما قال الحاخام توني بايفيلد، رئيس حركة الإصلاح: «هناك مشكلة واضحة - شبيهة بمعاداة السامية - فيما يتعلق بالاتجاهات المناهضة للصهيونية التي بدأت في الظهور بين عامة الشعب، وحتى بين الرتب الوسطى في الكنيسة»، لكن الكنيسة اعتُبرت مذنبة لمجرد الاحتجاج على سياسة الحكومة الإسرائيلية.

يُتهم النقاد أيضا بأنهم يحكمون على إسرائيل من منطق متحيز، أو بالتشكك في حقها في الوجود، لكن هذه تهم مزيفة أيضا: فالمنتقدون الغربيون لإسرائيل نادراً ما يتشككون في حقها في الوجود: بل يتشككون في سلوكها نحو الفلسطينيين، كما يفعل الإسرائيليون أنفسهم، كما أن إسرائيل لا يُحكم عليها بشكل غير منصف، وتجلب المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين النقد لأنها مناقضة للمفاهيم المقبولة على نطاق واسع بشأن حقوق الإنسان، كما تتعارض مع القانون الدولي ومع مبدأ حق تقرير المصير للدول، وهي الدولة الوحيدة تقريباً التي واجهت نقداً حاداً لهذه الأسباب.

إخفاق بوش

في خريف عام 2001، وخصوصاً في ربيع عام 2002، حاولت إدارة بوش تقليل الشعور المعادي للأميركيين في العالم العربي، وأن تقوض دعم الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» عن طريق إيقاف سياسات إسرائيل التوسعية في المناطق المحتلة، والدعوة إلى إنشاء دولة فلسطينية.

كانت لدى بوش وسائل بالغة الأهمية للإقناع: فكان بوسعه أن يهدد بتقليص الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لإسرائيل، ومن شبه المؤكد أن الشعب الأميركي كان سيدعمه في ذلك. أشار استطلاع للرأي أجري في مايو من عام 2003، إلى أن أكثر من 60 في المئة من الأميركيين كانوا راغبين في حجب المساعدات، إذا قاومت إسرائيل الضغط الأميركي لحل النزاع، وارتفع ذلك العدد إلى 70 في المئة بين «الناشطين سياسياً». وفي الحقيقة، قال 73 في المئة إن الولايات المتحدة يجب ألا تحابي أيا من الجانبين.

ورغم ذلك، أخفقت الإدارة في تغيير السياسة الإسرائيلية، وانتهت واشنطن إلى دعمها. وبمرور الوقت، تبنّت الإدارة التبريرات ذاتها التي استخدمتها إسرائيل لتفسير موقفها، وبالتالي بدأ الخطاب الأميركي يقلد الخطاب السياسي الإسرائيلي.

وبحلول فبراير من عام 2003، تلخص الوضع في العنوان الرئيسي لصحيفة «واشنطن بوست»: «بوش وشارون متطابقان تقريباً بشأن السياسات الشرق الأوسطية»، كان السبب الرئيسي لهذا التحول هو اللوبي.

بدأت القصة في أواخر سبتمبر 2001، عندما بدأ بوش يحثّ شارون على ضبط النفس في المناطق المحتلة، كما ضغط عليه للسماح لوزير الخارجية الإسرائيلي، شمعون بيريز، بالاجتماع بالرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات، رغم أنه (بوش) كان منتقداً إلى حد كبير لقيادة عرفات، حتى أن بوش قال علنا إنه يدعم إنشاء دولة فلسطينية، وبسبب شعوره بالخوف، اتهمه شارون بمحاولة «استرضاء العرب على حسابنا» ، محذّرا من أن إسرائيل «لن تكون تشيكوسلوفاكيا».

اعتذار شكلي

كان بوش غاضباً، حسبما قيل، من مقارنته بتشامبرلين، ووصف السكرتير الصحافي للبيت الأبيض ملاحظات شارون بأنها «غير مقبولة»، عرض شارون اعتذاراً شكلياً، لكنه سرعان ما وحّد صفوفه مع اللوبي لإقناع إدارة بوش والشعب الأميركي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان تهديداً مشتركاً من الإرهاب.

أصر المسؤولون الإسرائيليون وممثلو اللوبي على أنه لم يكن هناك فرق حقيقي بين عرفات وأسامة بن لادن: وقالوا إن الولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن تعزلا الزعيم المنتخب للفلسطينيين وأن تقطعا كل صلاتهما به.

توجه اللوبي إلى العمل في الكونغرس أيضاً: ففي السادس عشر من نوفمبر، أرسل 89 من أعضاء مجلس الشيوخ رسالة إلى بوش تثني عليه بسبب رفضه الالتقاء بعرفات، لكنها تطالب أيضا بألا تمنع الولايات المتحدة إسرائيل من الانتقام من الفلسطينيين؛ فكتبوا أن الإدارة عليها أن تصرح علنا بأنّها تقف خلف إسرائيل.

وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، «نبعت» الرسالة من اجتماع عُقد قبل أسبوعين بين «زعماء الجالية اليهودية - الأميركية وأعضاء مجلس الشيوخ البارزين»، مضيفة أن «إيباك» كانت «فعالة على وجه الخصوص فيما يتعلق بتقديم المشورة بشأن الرسالة».

وبحلول نهاية شهر نوفمبر، كانت العلاقات بين تل أبيب وواشنطن قد تحسنت إلى حد كبير، ويعود الفضل في ذلك جزئياً إلى جهود اللوبي، لكن أيضا بسبب الانتصار الأميركي الأولي في أفغانستان، الذي قلل من الحاجة الملموسة إلى الدعم العربي في التعامل مع «القاعدة»، وبالتالي، زار شارون البيت الأبيض في أوائل ديسمبر وحظي باجتماع ودي مع بوش.

«من دون تأخير»

في أبريل عام 2002، تفجرت المشاكل مجدداً، بعد أن أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي «عملية الدرع الواقي»، واستعاد سيطرته عملياً على كل المناطق الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية. كان بوش يعرف أن أفعال إسرائيل تضر بصورة أميركا في العالم الإسلامي، وتقوض الحرب على الإرهاب، لذا طلب من شارون أن «يوقف الغارات ويبدأ الانسحاب»، وأكد هذه الرسالة بعد يومين، قائلاً إنه يريد من إسرائيل أن «تنسحب من دون تأخير».

وفي السابع من أبريل، صرحت كوندوليزا رايس، التي كانت وقتها مستشارة بوش للأمن القومي، للمراسلين «إن (من دون تأخير) تعني من دون تأخير، أي الآن».

وفي اليوم نفسه، توجه كولن باول إلى الشرق الأوسط لإقناع الأطراف جميعها بالتوقف عن القتال والشروع في التفاوض.

انطلقت إسرائيل واللوبي إلى العمل على الفور: فقام المسؤولون المؤيدون لإسرائيل في مكتب نائب الرئيس و«البنتاغون»، بالإضافة إلى المثقفين من المحافظين الجدد مثل روبرت كاغان ووليام كريستول، بمهاجمة باول، حتى أنهم اتهموه بأنه «ألغى عملياً التفريق بين الإرهابيين ومَن يقاتلون الإرهابيين»، كما أن بوش نفسه تعرض للضغط من قبل الزعماء اليهود والمسيحيين الإنجيليين.

كان توم ديلاي وديك آرمي صريحين على وجه الخصوص بشأن الحاجة إلى دعم إسرائيل، وقام ديلاي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ترينت لوت، بزيارة البيت الأبيض وحذّرا بوش لكي يتراجع عن موقفه.

أتت الإشارة الأولى على استسلام بوش في الحادي عشر من أبريل - أي بعد أسبوع من أمره لشارون بسحب قواته - عندما قال السكرتير الصحافي للبيت الأبيض إن الرئيس يؤمن بأن شارون «رجل سلام»، وقد كرر بوش هذا التصريح علناً عند عودة باول من مهمته الفاشلة، وأخبر المراسلين أن شارون قد استجاب بصورة مُرضية لدعوته إلى انسحاب كامل وفوري.

بيد أن شارون لم يفعل شيئاً من ذلك، لكن بوش لم يعد راغباً في المجادلة بشأن الموضوع.

وفي الوقت نفسه، كان الكونغرس يتحرك لدعم شارون أيضاً. ففي الثاني من مايو، تجاوز اعتراضات الإدارة ومرّر قرارين يعيدان تأكيد تقديم الدعم لإسرائيل. (صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية 94 إلى 2؛ بينما تم إقرار نسخة مجلس النواب بأغلبية 352 إلى 21 ) . أكد القراران كلاهما أن الولايات المتّحدة «تقف متضامنة مع إسرائيل»، وأن البلدين كانا، على حد قول قرار مجلس النواب، «منشغلين حالياً في كفاح مشترك ضد الإرهاب».

إصبع شارون

وأضافت نسخة مجلس النواب إدانتها «للدعم المستمر للإرهاب، وتنسيق عملياته من قبل ياسر عرفات»، الذي صوّر باعتباره جزءاً محورياً من مشكلة الإرهاب. وتم إعداد القرارين كليهما بمساعدة اللوبي. وبعد أيام قلائل، صرح وفد الكونغرس المكون من أعضاء من الحزبين، والموفد إلى إسرائيل في لجنة لتقصي الحقائق، بأن على شارون أن يقاوم الضغط الأميركي للتفاوض مع عرفات. وفي التاسع من مايو، اجتمعت اللجنة الفرعية للمخصصات التابعة لمجلس النواب للنظر في منح إسرائيل 200 مليون دولار أميركي إضافية لمكافحة الإرهاب. عارض باول هذا التخصيص، لكن اللوبي دعمه وخسر باول.

باختصار، واجه شارون واللوبي رئيس الولايات المتحدة الأميركية وانتصرا.

ذكر هيمي شاليف، وهو صحافي في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن مساعدي شارون «لا يستطيعون أن يخفوا رضاهم بالنظر إلى فشل باول، رأى شارون بياض عيني الرئيس بوش، وتحدى كل منها الآخر، ورَمَش الرئيس أولاً».

لكن أبطال إسرائيل في الولايات المتحدة، وليس شارون أو إسرائيل، هم من أدوا الدور الرئيسي في هزيمة بوش.

تغير الموقف قليلاً منذ ذلك الحين: فقد رفضت إدارة بوش بعد ذلك أن يكون لها تعاملات مع عرفات. وبعد وفاته، احتضنت الزعيم الفلسطيني الجديد، محمود عباس، لكنها لم تفعل سوى القليل لمساعدته، في حين واصل شارون تطوير خطته لفرض تسوية أحادية الجانب مع الفلسطينيين، مبنية على «فك الارتباط» من غزة، ومقترنة مع مواصلة توسعاتها في الضفة الغربية.

ومن خلال رفض التفاوض مع عباس وجعل تقديمه لمنافع ملموسة إلى الشعب الفلسطيني أمراً مستحيلاً، ساهمت استراتيجية شارون بصورة مباشرة في انتصار «حماس» الانتخابي.

وعلى أي حال، فمع وجود «حماس» في سدة الحكم، امتلكت إسرائيل عذراً آخر لعدم التفاوض. دعمت الإدارة الأميركية أفعال شارون (وأفعال خليفته، إيهود أولمرت)، حتى أن بوش صادق على قيام إسرائيل بعمليات أحادية الجانب لضم الأراضي في المناطق المحتلة، مما يعكس السياسة المعلنة والمتبعة لكل رئيس أميركي منذ ليندون جونسون.

أظهر المسؤولون الأميركيون نقداً معتدلاً لقليل من الممارسات الإسرائيلية، لكنهم لم يفعلوا سوى القليل للمساعدة على إنشاء دولة فلسطينية فعلية. كان بوش «مثل الخاتم في إصبع» شارون، كما قال برينت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي السابق، في أكتوبر من عام 2004. فإذا حاول بوش إبعاد الولايات المتحدة عن إسرائيل، أو حتى انتقاد أي ممارسات إسرائيلية في المناطق المحتلة، فمن المؤكد أنه سيواجه غضب اللوبي ومؤيديه في الكونغرس.

يفهم المرشحون الرئاسيون الديموقراطيون أن تلك هي حقائق الحياة، ولهذا السبب تمادى جون كيري كثيراً في اظهار الدعم المطلق لإسرائيل في عام 2004، وهو أيضا سبب قيام هيلاري كلينتون بعمل الشيء نفسه اليوم.