أما آن لهذا الحقد الأعمى لدى البعض أن ينتهي لنحرر إعلامنا من أفخاخ الدعاية الإسرائيلية الرخيصة التي تأخذ بنا كل مأخذ، وتتمكّن من اختراقنا في أعمق قضايا الأمن القومي لبلادنا، فنصدق كل إشاعاتها ما دامت تروي أحقادنا الجاهلية، حتى لو كانت أخبارها المفبركة والمختلقة من السذاجة والسخافة بمكان؟غريب أمر إعلامنا العربي في هذه الأيام بالفعل! بل غريب أمر هذا العقل العربي في هذه الأيام في الواقع! بل الأغرب أمر هذا الأمن القومي العربي الذي نتباكى عليه يومياً أو نشكو من وقوعه ضحية صراعات الآخرين على أرضنا في ما نحن نسلمه في نفس اليوم بكلتي يدينا هدية مجانية لصانع الدعاية الإسرائيلية ونقع في أفخاخها بكل سذاجة إن لم يكن عن سابق وعي وقصد وتصميم، كما يفعل بعض قيادات هذا الإعلام لسبب بسيط فقط، وهو أن إشاعة هنا أو خبراً هناك يلبي حقده الأعمى ضد بعض أبناء جلدته في بعض معاركه الداخلية معها!
«القصة وما فيها» كما يقال، هي أن الإسرائيلي الذي بات معروفاً بشدة حرصه على الانتقام من الفارس اللبناني الوطني والعروبي والإسلامي الشجاع الذي صنع انتصار يوليو العظيم، والذي ذاع صيته في الآفاق حتى رفعت صوره في الأزهر الشريف، وهو ما لم يحصل للقائد القومي الكبير جمال عبدالناصر، ولقب من قبل القيادة الإيرانية العليا -المعنية هنا بهذه الإشاعة المفضوحة والرخيصة- لأول مرة بقائد الأمة وزعيمها الشجاع تقديراً له على صناعة ذلك النصر الذي «هزّ الدنى» كما تحدثنا الأنشودة اللبنانية التي باتت على لسان كل عربي وطني حر شريف، والذي اضطر الإسرائيلي إلى الاعتراف والإذعان لانتصاره على سيده ورئيس وزرائه الذي كال له كل أوصاف الغباء في إدارة الحرب الحمقاء تلك، نعم «طلع مع هذا الإسرائيلي» أن يختلق خبراً مفبركاً بكل سذاجة مفاده: «أن القيادة الإيرانية قرّرت عزل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله -أي هذا القائد العربي- من مهمات القيادة العسكرية العليا الموكلة إليه من قبل حزبه وتوكيل نائبه محله لفشله في الأداء وبقية القصة معروفة....»!! فلم يصدق بعض إعلامنا العربي هذا الذي سمعته أذناه لاسيما المتأثر منه بالصراع اللبناني الداخلي حتى تلقف هذا الخبر السخيف في مضمونه والعاري عن الصحة تماماً لـ«يطنطن» به، ويضع له كل البهارات اللازمة حتى يصبح شهياً لدى بعض السذّج، بل يدخل عليه طعم الاستخبارات الغر بية التي اعتادت أن تعتلي بعض المنابر الإعلامية العربية كلّما تطلّبت الحاجة عن طريق عميل مزروع لها في قلب الإعلام العربي المهاجر من باب استغلال «النكد العربي والمناكفة» التي لا تنقطع مع إيران الجارة المسلمة، بسبب ملفات الخلاف العالقة بينها وبين بعض العرب!!
تسألني المذيعة المسكينة: وما مصلحة الإعلام العربي في الترويج لهذا الخبر إذا كان كما تقول؟! وتزيد: وما المشكلة في وجود اختلافات داخل هذا الحزب أو ذاك؟! وعندما أشرح لها موضّحاً ارتباط الخبر بما يجري من مؤامرة على صانع أهم نصر في تاريخ العرب لإظهاره منقوص الوطنية والقومية والانتقام منه شخصياً بعد فشلهم المتكرّر في النيل منه، بالإضافة إلى ارتباط الإشاعة المفبركة بما يعد من مؤامرات للبنان من أجل منع حصول أي تسوية فيها، تعود لتسألني بكل سذاجة: وهل تنكرون دعمكم لهذا الحزب بعد أن تقول: ألم تذهب بعيداً في تفسيرك لما سمّيته بالإشاعة الكاذبة من خلال ربطها بكل تلك الأمور؟! فما بقي إلا أن أقول لها: وهذا أكبر دليل على نجاح العدو في إشاعته لهذا الخبر المختلق الصادر من صحيفة «معاريف» قبل أن يصل متبّلاً بنكهة الاستخبارات الغربية المخترقة لبعض الإعلام العربي للأسف الشديد، حتى بات أحدهم يوماً يكتب وبكل بجاحة و«بالبونط العريض» افتتاحيته الشهيرة التي قال فيها بالحرف الواحد: «بقدر ما كنت مسروراً بضرب مفاعل تموز العراقي سأكون أكثر سروراً بضرب مفاعل بوشهر الإيراني»!!
وسؤالي هو: أما آن لهذا الحقد الأعمى لدى البعض أن ينتهي لنحرر إعلامنا من أفخاخ الدعاية الإسرائيلية الرخيصة التي تأخذ بنا كل مأخذ، وتتمكّن من اختراقنا في أعمق قضايا الأمن القومي لبلادنا فنصدق كل إشاعاتها ما دامت تروي أحقادنا الجاهلية، حتى لو كانت أخبارها المفبركة والمختلقة من السذاجة والسخافة بمكان لتصل إلى منزلة ونوع: «الخسن والخسين ثلاثتهم بنات مغاوية»؟!
وعتبي ليس على هؤلاء بل على من يتحدّثون باسمهم ويتموّلون من مالهم الذي هو بيت مال المسلمين فهل من مذكر؟! والله من وراء القصد.
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي-الإيراني