Ad

دعت اللجنة الدولية لمنظمة الصليب الأحمر المجتمع الدولي إلى تناول قضية الاختفاءات بجدية، والحفاظ على حق العائلات في معرفة مصير وأماكن المفقودين، وتناول تقرير اللجنة أوضاع المفقودين في العراق والبوسنة وجورجيا والبلقان، وأكدت اللجنة على خصوصية ملف المفقودين في العراق للانفلات الأمني فيها، وضمت اللجنة صوتها إلى صوت أهالي المفقودين للمناداة بضرورة الاعتراف بحقهم في معرفة مصير أبنائهم.

استذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر محنة آلاف العائلات وأحيت ذكرى عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا أثناء النزاعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم، وأكدت أن إبقاء انعدام اليقين بشأن مصير أحد الأقارب واقع قاس يعيشه عدد لا يحصى من العائلات حول العالم.

وفي تصريح لرئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر لدول مجلس التعاون الخليجي جان ميشال مونود قال «إنه استنادا إلى أعراف القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، فإن الحق في معرفة مصير الأقرباء هو أحد الشواغل الأساسية ويتعين أن يحظى بالاحترام»

وأضاف انه نتيجة لحرب الخليج الثانية لا يزال مئات الأشخاص في عداد غير المستدل عليهم، ولا تزال عائلاتهم تسعى بدأب لمعرفة مصيرهم، مؤكدا إيمان اللجنة الدولية للصليب الأحمر الكامل بأن ثمة أهمية ملحة وحيوية لتناول قضية الاختفاءات بجدية، وللحفاظ على حق العائلات في معرفة مصير ومكان أحبائهم، وتابع ان اللجنة الدولية عازمة على المضي قدما في جهودها في هذا المجال، وعلى التعاون مع الأطراف المعنية فيه.

مقابر جماعية

وفي تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي أصدرته للتأكيد على أهمية استذكار يوم 30 اغسطس كيوم المفقودين قالت «منذ ان خير الناس الحروب عرفوا معها ظاهرة فقد الاشخاص، وقد يكون المفقودون ضحايا لاعدامات جماعية وألقي بهم في مقابر بلا علامات مميزة، كما هو الحال في البلقان، وربما تم القاء القبض عليهم او خطفهم، كما يحدث حاليا على نطاق واسع لشبان يجرى انتزاعهم من الشوارع في سريلانكا، وقد يلقى القبض عليهم في منازلهم ثم يموتون رهن الاحتجاز او يجري احتجازهم بمعزل عن الغير في أماكن سرية. لافتا، أنه احيانا ما يكونون مدنيين فروا من قتال، او اطفالا منفصلين عن ذويهم، كما حدث كثيرا في الكونغو. وقد يقتل الجنود اثناء القتال ويتم التعامل مع رفاتهم على نحو غير سليم مثلما كان الحال في الحرب الاثيوبية والاريترية حيث أفادت تقارير عن ترك جثث في ميدان المعركة لسنوات.

ضرورة العمل

وقالت اللجنة انه حتى وقت قريب اهمل المجتمع الدولي مشكلة الاشخاص المفقودين، ويقول مدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الاحمر بيير كريهنبول في جنيف «لفترة طويلة، نظر الناس الى هذه القضية باعتبارها ميؤوس منها تماما» وتسبب انفجار البلقان الداخلي عام 1990، في اختفاء ما يربو على عشرين ألف شخص، في ما جاء رد فعل العائلات متقدا على نحو فاق الوقع، واجه موظفو العمل الانساني شيئا جديدا، انها كانت في الميدان في ذلك الوقت. «ضغطت علينا العائلات، كان الناس منظمين وأرادوا معرفة ما فعلناه والإلمام بالتقدم المحرز وبنتائج اجتماعاتنا. وكانوا يتظاهرون أمام مكاتبنا لضمان أننا لم ننس القضية».

علينا مواجهة الواقع

ولفت الى ان اللجنة الدولية ضاعفت جهودها الرامية الى مواجهة هذه القضية على الصعيد العالمي، في محاولة لإثبات ان ثمة ما يمكن وما يجب عمله، بيد انه من المستحيل ان نعرف بالضبط عدد الأشخاص الذين اختفوا على مستوى العالم. وتعرّف المنظمة الأشخاص المفقودين بأنهم أولئك الذين صار مصيرهم مجهولا نتيجة للنزاع المسلح، سواء كان دوليا او داخليا، وقد يكونون عسكريين او مدنيين أو اي شخص لا تتوافر لدى أسرته معلومات عن مصيره او عن مكان تواجده. وتابع ان كثيرا ما تصبح الحيلولة دون وقوع حالات الاختفاء المتصلة بالنزاع المسلح أو العنف الداخلي أو جلاء مصيرها مهمة شاقة بسبب غياب الارادة السياسية من قبل اولئك المعنيين مباشرة او نقص التعاون من قبل أولئك الذين يستطيعون اقناعهم بالعمل. فالبيانات يتم حجمها كسلاح سياسي ضد الاعداء او الخصوم، والقادة الذين تستند قوتهم الى كراهية مجتمع آخر يعرقلون أي محاولة لحل قضية المفقودين لكي يحتفظوا بسيطرتهم. وفي حالات كثيرة خصوصا حينما تنتج الاختفاءات عن المذابح

اوالهجمات المتعمدة ضد المدنيين ولا يكون القادة أو أهل السلطة قادرين أو راغبين على توفير الاجابات، لأنهم يخشون ان تتم مساءلتهم.

العراق... آلاف المفقودين

وقال التقرير «أحيانا يكون ليس بالامكان عمل الشيء الكثير» وهذا هو السيناريو الراهن في العراق حيث يوجد وفقا لتقديرات غير دقيقة مئات الآلاف من المفقودين بعد سنوات من النزاع الراهن. وتقول مديرة عمليات اللجنة الدولية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بياتريس ميجيفاند «إن العراق يمثل وضعا بالغ الخصوصية، فهو يمثل الحالة الأصعب من الناحية الأمنية، ومشيرة الى حالات اخرى لم نستطع خلالها ان نعمل بنشاط بشأن قضية المفقودين، ولكن ليس لفترة بهذا الطول، وعلينا ان نواجه الواقع في الوقت الراهن، وباستثناء دعم معهد الطب العدلي، ببعض المعدات والتدريب، فإن عمل أي شيء يكاد يكون مستحيلا».

البوسنة وجورجيا والبلقان

وعن المفقودين في البوسنة قالت اللجنة «إنه لا يزال 13 ألف شخص مفقودين بيد انه يتعين ضرب هذا الرقم في عشرة أو حتى عشرين لكي يؤخذ في الاعتبار الأقارب البعيدون وسائر أفراد العائلة الذين يجدون صعوبة في الصفح ومواصلة سير الحياة. ومع ذلك فإن احتياجات العائلات نادرا ما تكون موضع الأولوية، وهو ما يعني أن حالة الجمود العام قد تتواصل لعقود وربما يحتاج التغيير الى ثورة إدارية كاملة أو رغبة بالغة القوة في تحسين صورة البلاد، ففي قبرص استغرق الأمر أربعين عاما قبل أن يشرع أخيرا فريق من الطائفتين من علماء الطب الشرعي في استخراج الجثث من القبور الجماعية وحتى في إسبانيا فإنه قد تم البدء فقط بفتح مدافن عشرات الآلاف من الأشخاص غير محددي الهوية بعد سبعين عاما من الحرب الأهلية، ويستمر الطريق المسدود في جورجيا وعلى منحدر جبلي مطل على «تبيلسي» يقبع متحف للأشخاص المفقودين في بناء بسيط مكون من ثلاث غرف وتوجد على المدخل لافتة مكتوب عليها «مولوديني» ومعناها «الانتظار» باللغة الجورجية، واندلع النزاع بين جورجيا وأبخازيا في عام 1992وانتهى بوقف إطلاق النار في عام 1993، بيد أن السلام يشوبه التوتر ولم تتم تسوية آثار الأعمال العدائية. وهناك اليوم ما يقدر بـ 1800 مفقود جورجي و135 أبخازيا نصفهم من العسكريين والنصف الآخر من المدنيين.

تفعيل دور الطب الشرعي

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة تفعيل الطب الشرعي كخطوة ضرورية من أجل العثور على اجابات، قائلة «إنه من الضروري أن يتم التعامل مع الرفات البشرية على نحو ملائم لكي تتم حماية المعلومات القيمة وفي غياب ذلك فإن الجثث قد توضع في غير موضعها وقد تتبدد أدلة فائقة الأهمية. ومع ذلك فإن قسم الطب الشرعي في اللجنة الدولية حديث العهد نسبيا، إذ تم إنشاؤه في عام 2003 ولا تقوم المنظمة مباشرة بعمليات إخراج الجثث من القبور لكنها توفر المبادئ التوجيهية وتدرب الخبراء المحليين.