كم تحتاجين من النقد والتجريح يا معالي الوزيرة؟!

نشر في 24-01-2008
آخر تحديث 24-01-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي  

يا معالي الوزيرة، إن كنت لاتزالين على رأس وزارة التربية، لأنك تجاوزت القنطرة بفارق بضعة أصوات، فهذا لن يغير من الحقائق شيئا. لايزال التعليم عندنا في أسوأ حالاته، الأمر الذي لا ينكره حتى أكثر مَن صفقوا لك حماساً.

 

مخطئ تماماً مَن يظن أن السيدة نورية الصبيح وزيرة التربية قد «انتصرت» في معركة الاستجواب، وستكون الوزيرة مخطئة أكثر إن هي صدقت فعلاً هذا الكلام!

معالي الوزيرة.. تجاوزي ضجة تصفيق المحتفلين «ويبّاب وزغاريد» المحتفلات بتجاوزك لميزان طرح الثقة، فأنت تعلمين أن هذا لا يعني شيئاً، ولقد رأينا كَمْ هتف الناس في أحايين كثيرة في الموقف الخطأ وللسبب الخطأ وللشخص الخطأ.

تجاوزي هذه الضجة، واجلسي مع نفسك واقرئي الحدث بتمعن. هل تدركين معنى أن يطرح الثقة عنك 19 نائباً من نواب مجلس الأمة؟ هل تعرفين معنى أن يعلن %40 من أعضاء مجلس الأمة أنك لست أهلاً للبقاء في منصبك؟ هل تراك ترين الصورة بوضوح يا معالي الوزيرة؟! وإن كنت بالفعل ترينها، فهل لاتزالين مقتنعة بكلام من يقولون إنك حققت انتصاراً في معركة الاستجواب؟!

معالي الوزيرة، لا أظنك، وأنت من عاش هذه التجربة الثقيلة، تجهلين أن المذكرة التفسيرية تقول وبكل وضوح (إن تجريح الوزير، أو رئيس مجلس الوزراء بمناسبة بحث موضوع عدم الثقة أو عدم التعاون، كفيل بإحراجه والدفع به إلى الاستقالة، إذا ما استند هذا التجريح إلى حقائق دامغة وأسباب قوية تتردد أصداؤها في الرأي العام، كما أن هذه الأصداء ستكون تحت نظر رئيس الدولة باعتباره الحكم النهائي في كل ما يثار حول الوزير أو رئيس مجلس الوزراء، ولو لم تتحقق في مجلس الأمة الأغلبية الكبيرة اللازمة لإصدار قرار «بعدم الثقة» أو «بعدم التعاون»، كما أن شعور الرجل السياسي الحديث بالمسؤولية الشعبية والبرلمانية، وحسه المرهف من الناحية الأدبية لكل نقد أو تجريح، قد حملا الوزير البرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة أو ممثليها)، ولا أظنك تجهلين معنى هذا الكلام، ولا أظنك لاتزالين مأخوذة بنشوة التصفيق «واليبّاب» ولا يمكنك أن تري حقيقة أنك فاقدة لثقة %40 من الأمة عبر ممثليها!

يا معالي الوزيرة، إن المسألة ليست ميزان أرقام، وليست أعداداً مجردة، بل هي أعظم من ذلك بكثير. إنها مسؤولية شعبية وميزان ثقة، وإنك ما جئت أصلاً لهذا المنصب إلا لأجل خدمة الأمة والوطن، وإذا كانت الأرقام تقول إن قرابة نصف الأمة قد حجبت عنك الثقة عبر ممثليها لاستنادها إلى حقائق دامغة وأسباب قوية، فكم يحتاج «حسك المرهف من الناحية الأدبية» من «النقد والتجريح» ليدرك هذه الحقيقة الصارخة يا ترى؟ ستين في المئة؟ سبعين في المئة؟ أم مئة في المئة؟!

نعم يا معالي الوزيرة، إن لم تكن قد حجبت عنك الثقة في ميزان الأرقام وعد الأصوات، فإنها حجبت عنك في ميزان المنطق والموضوعية وروح الدستور، تلك الروح المسكينة التي صرنا لا نراها ولا نريد حتى أن نستشعرها!

يا معالي الوزيرة، إن كنت لاتزالين على رأس وزارة التربية، لأنك تجاوزت القنطرة بفارق بضعة أصوات، فهذا لن يغير من الحقائق شيئا. لايزال التعليم عندنا في أسوأ حالاته، الأمر الذي لا ينكره حتى أكثر مَن صفقوا لك حماساً ولا أرفع مَن «يبّبن» لك صوتاً، ولاتزال ملفات الأخطاء في وزارتك مفتوحة بلا تصحيح، الشيء الذي لن تخفيه عشرات المقالات التي تغزلت وستتغزل في عظمتك ومجدك، ولاتزال العلل منتشرة بلا دواء، الأمر الذي لن تسعفه مانشيتات الجرائد التي رفعتك إلى عنان السماء... ولاتزال الحقائق دامغة والأسباب قوية... ولاتزالين أنت ولا أحد سواك المسؤولة الأولى والأخيرة عن كل هذا بحكم منصبك، فماذا أنت فاعلة يا ترى؟!

 

back to top