أحسب أن أبناء الكويتية يستأهلون الأولوية في حق المواطنة وشهادة الجنسية، صحيح أن بعضهم نالوا الجنسية لأن أمهم مطلقة أو أرملة، لكن أكثريتهم لايزال «بدون» جنسية! الأمر الذي يدعونا إلى حسم تجنسيهم من دون تسويف. وكأن المطلوب من هؤلاء الفئة من البدون انتظار طلاق أمهاتهم، أو وفاة آبائهم غير الكويتيين لتحقق لهم أمنيتهم المشروعة في الهوية والجنسية! وهو منطق شاذ وغريب.

Ad

* إن أغلب الأقطار العربية تمنح جنسيتها لأولاد المواطنة المتزوجة من إنسان لا ينتمي إلى جنسيتها. ولو لم تصدر تشريعاً بهذا الشأن لوجدت نفسها- مثل دولة الكويت- تكابد معضلة «البدون» من حيث لا تحتسب! وقد كانت مصر والمملكة المغربية تعانيان وجود مئات الأولاد الذين ولدوا من رحم مصرية ومغربية، وتم طلاقهن بصيغة لا إنسانية، لا تحفل بنسب الأولاد إليهم, ولا يعنون بنفقة معاشهم وتعليمهم، فضلا عن حصولهم على الهوية الوطنية لآبائهم! الأمر الذي أفضى بالأولاد إلى أن يكونوا «بدون» هوية ولا جنسية، لكن هذا الوضع المأساوي اللاإنساني لم يستمر طويلاً لحسن حظ «البدون» المنتمين إلى أم مصرية أو مغربية، فقد اصدرت السلطات المختصة فيهما قانوناً يقضي بأحقية كل طفل بالجنسية المصرية أو المغربية حال ولادته إذا كان والده لا يرغب في تجنيس ذريته التي ولدت إثر مخاض زواج سياحي عابر!

صحيح أن بعض الأقطار العربية الخليجية صار يتشدد في شروط زواج مواطنيها من صبايا عربيات، وبات يستوجب موافقة وزارة الخارجية لعقد أي زيجة تتم خارج حدود الوطن، لكن معضلة «البدون» الخليجيين مازالت قائمة بمعنى من المعاني، لأنهم من دون أب يتحمل مسؤولية الإنفاق عليهم، مثل أي أب سوي يعي فقه الزواج والطلاق، ويعي ما يترتب عليهما من حقوق وواجبات.

*وليس سراً أن هناك العديد من المواطنات مقترنات بأزواج من «البدون» وغيرهم ومشكلة زواجهن من «البدون» معروف ما يترتب عليها، لكن زواجهن من جنسيات غير كويتية تبدأ حين يحدث الطلاق، لأن البعل العربي عادة ما يغادر البلاد تاركاً العيال في حضانة أمهم بدعوى أنها أقدر منه على تحمل التبعات المادية لتربيتهم وتعليمهم وما الى ذلك، والقانون في هذا الشأن ظالم للمواطنة الكويتية ولا يعاملها كما الرجل الذكر الذي يحق له الزواج من عروس «بدون»، وهو واثق أن عياله منها سيحصلون على الجنسية الكويتية بحكم القانون، وأعرف العديد من المواطنين المتزوجين من غير الكويتيات، بينما أولادهم يتمتعون بالجنسية الكويتية، ولعل إحساس أبناء الكويتية «البدون» الجنسية بوطأة غياب الوطن والهوية والجنسية يتجاوز مشاعر أقرانهم البدون الذين أمهاتهم غير كويتيات، فهم يجدون أولاد عمومتهم وخالاتهم كويتيين أقحاحاً خالصين، بينما يعانون هم مشاعر البدون بكل تجلياتها المأساوية!

وبما أن ملف التجنيس مشرّع لمعالجة أحوال مستحقي الجنسية، فأحسب أن أبناء الكويتية يستأهلون الأولوية في حق المواطنة وشهادة الجنسية، صحيح أن بعضهم نالوا الجنسية لأن أمهم مطلقة أو أرملة، لكن أكثريتهم لايزال «بدون» جنسية! الأمر الذي يدعونا إلى حسم تجنسيهم من دون تسويف.

وكأن المطلوب من هؤلاء الفئة من البدون انتظار طلاق أمهاتهم، أو وفاة آبائهم غير الكويتيين لتحقق لهم أمنيتهم المشروعة في الهوية والجنسية! وهو منطق شاذ وغريب، وآن الأوان لحسم تجنيس أبناء الكويتية بصيغة نهائية تشملهم جميعاً، فلا معنى لأن يكون تجنيس هذه الفئة كما مطر الصيف يحظى بها بعضهم من دون غيرهم، رغم أنف المعايير إياها!

فحين تكون المعايير مزدوجة وتكيل بمكيالين تفقد معناها وتفرغ من محتواها، وتصبح حبراً على ورق الواسطة والذي منها! إن زواج الكويتيات من غير الكويتيين وارد ويحدث اليوم وغداً وإلى ما شاء الله، من هنا تأتي أهمية وجود تشريع يعالج حالات البدون المتمخضة عن هذه الزيجات.

** إيميلات القراء:

وجد العبد لله نفسه في حالة «حيص بيص» إزاء «الإيميلات» التي وردته من عديد القراء، لأنه مازال أميا معتبراً في معرفة تقنية تشغيل «اللاب» ومنها كيفية طباعة الرد على صاحب «البراق»، الاسم الذي يقترحه أحد إخواننا «الدراعمة» تعريباً للإيميل، وقد أكرس لاحقاً مقالة أو أكثر لإيميلات القراء، لكن «البراق» الذي استوقفني ملياً، وأثار شجوني كثيراً هو ذلك الذي وردني من «بومشاري» الإنسان «البدون» المتشح بالصبر الجميل، علّ «حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر»... بحسب سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أما دعاؤه لي إثر كل صلاة فجر فأقول له بشأنه: جزاك الله خيراً، وإن كان العبدلله يشعر أن رصيده من الحسنات «مكشوف» ويحتاج إلى دعم يتواتر في الصلوات الخمس!