الخدمات الصحية... إلى أين تسير؟ رغم ما تشهده الوزارة من تطوير... يعاني المراجعون في مراكز العلاج

نشر في 08-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 08-02-2008 | 00:00

خطة للنهوض بالوضع الصحي في البلاد، تتمحور حول تطوير المستشفيات العامة في الكويت التي تُعَد القوام الرئيس الذي يقدم الخدمة الصحية، وكذلك تعيين الكفاءات والخبرات الصحية الجيدة من دول العالم من أطباء وهيئة تمريضية، بالإضافة إلى التوسع في بناء مستشفيات ومراكز صحية جديدة، واتخاذ القطاع الخاص شريكاً استراتيجياً، وليس منافساً لدور القطاع العام، والتوجه نحو إعادة الأطباء المهاجرين إلى أرض الوطن.

خطوات تصحيحية اتخذتها أخيراً وزارة الصحة للنهوض والارتقاء بالوضع الصحي في البلاد، وإصلاح الجسم الطبي وتطوير الخدمات الصحية، ومن بين تلك الخطوات هو إعادة «الطيور المهاجرة» إلى «عشها» (أي عودة الأطباء الكويتيين الى بلدهم ومستشفياتهم)، وتتمثل هذه الخطوة في إنصاف عدد كبير من الاطباء الكويتيين الذين هاجروا إلى الخارج فمنحهم مسمياتهم التي يستحقونها، وكانت تمنحهم إياها المستشفيات الاميركية والكندية التي تلقوا بها التدريب، كما أن الوزارة تبحث قضية الرواتب التي باتت على وشك التصحيح خلال الأيام القليلة المقبلة، كما أنَّ طلب الوزير تسكين جميع الاطباء المهاجرين الذين يعودون الى أرض الوطن بالتوصيف الوظيفي اللائق بهم، وعدم قبول أي استقالة جديدة الا بعد التعرف على الاسباب والدوافع الحقيقية لها، لوقف نزيف الكفاءات الطبية الذي تتعرض له وزارة الصحة، هو أمر اثلج بلا شك صدور جميع الأطباء الكويتيين.

لكن السؤال: هل سيترك هؤلاء الأطباء المراكز الصحية والطبية التي يعملون بها في أوروبا واميركا أو حتى الدول المجاورة، ويأتون إلى الكويت في ظل تدني رواتبهم بالمقارنة بذويهم في تلك الدول؟

خطط تطويرية

فالمتابع أمور وزارة الصحة يجد أنها تسير وفق خطط تهدف إلى تطوير خدماتها، وإن كانت هذه الخطة تسير ببطء، فإنها تبشر بالأمل وتبعث على التفاؤل في نفوس المراجعين لدور الرعاية الصحية من مستشفيات ومستوصفات.

وإحدى خطوات التطوير التي تشهدها الوزارة هي تعيين الخبرات الصحية الجيدة من دول العالم بما فيها الهيئة التمريضية، وتطوير المستشفيات العامة التي تعتبر القوام الرئيس للخدمات الصحية في الكويت، وهي مستشفيات الصباح والأميري والجهراء والعدان ومبارك والفروانية.

ومن ضمن استراتيجية الوزارة لتطوير الوضع الصحي في البلاد، ما أعلنه وزير الصحة عبدالله الطويل من إنشاء شركتين للضمان الصحي للكويتيين وغير الكويتيين، مشيرا الى ان ذلك سيكون مجانيا للكويتيين، وغير مجاني للوافدين؛ إذ سيدفع كل وافد 50 دينارا للشركة التي يتلقى من خلالها الخدمات الصحية، وستراقب وزارة الصحة مستشفيات الضمان الصحي التي ستكون في الجهراء والفروانية والاحمدي.

لكن رغم ما تشهده الوزارة من تطوير سواء في تطوير الخدمات أو في بناء أو صيانة عدد من المستشفيات او دور الرعاية الأولية، فإن المراجعين يعانون معاناة كبيرة في المستشفيات، أما معاناتهم في المستوصفات فحدِّث ولا حرج، عدد كبير ممن التقتهم «الجريدة» أكدوا تدني مستوى الخدمة الطبية التي تقدم في المستوصفات بشكل خاص، وعدم فاعلية الأدوية التي تصرف لهم وتدني مستوى الهيئة الطبية والتمريضية، هذا إضافة الى التعامل بلا إنسانية مع المراجعين من قبل الأطباء «غير المؤهلين» على حد قولهم، وهو ما جعل المراجعين يعزفون عن الذهاب الى المستوصفات، واللجوء مباشرة الى المستشفيات التي تعاني ازدحاما كبيرا، لدرجة أنك حينما تذهب إلى المراجعة سيكون عليك أن تنتظر طويلا من أجل الحصول على دور بحيث بات عدد كبير من المرضي والمراجعين لا يجدون لهم كرسيا يجلسون عليه عند انتظار دورهم، ومن ثم تكون المعاناة مزدوجة.

مرتكزات النهوض

ومن بين المرتكزات الاساسية للنهوض بالوضع الصحي في البلاد، ضرورة اشراك خبراء عالميين لتصحيح المسار الصحي، وتطوير الخدمات في وزارة الصحة، وجميع مرافقها من خلال خطط عالمية على غرار التجارب الناجحة التي قام بها عدد من الدول الخليجية مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهذا ما أكده اجتماع لقيادات وزارة الصحة عقد أخيراً.

مصادر في الوزارة أكدت لـ«الجريدة» عزم الطويل على احداث نقلة صحية في الجسم الطبي في البلاد، إذ سيتم التركيز في الفترة القريبة المقبلة على تجديد وزيادة عدد غرف العمليات، وتحديث غرف العناية المركزة وتزويدها بأحدث التجهيزات والمعدات الطبية المتطورة، فضلا عن تقديم انواع مختلفة من التعليم إلى الاطباء، وتدريبهم على التقنيات الحديثة التي ستكون احد اسباب تحسين مستوى الخدمات الصحية.

المصادر ذاتها أكدت أن الوزارة استعانت قبل فترة وجيزة بفرق طبية أجنبية لتقييم الوضع الصحي، وحددت هذه الفرق عددا من المرتكزات التي يجب ان تقوم عليها خطة الوزارة الآنية والمستقبلية، مبينة أن من بين تلك المرتكزات تعيين الخبرات الصحية الجيدة من دول العالم، بما فيها الهيئة التمريضية، وتطوير المستشفيات العامة التي تعتبر القوائم الرئيسية للخدمات الصحية في الكويت، وهي: مستشفيات الأميري والجهراء والعدان ومبارك والفروانية والصباح.

وأشارت المصادر الى أن الوزير الطويل بدأ بمرحلة التطوير بمزامنة حلول عاجلة واستثنائية مؤقتة، من شأنها تخفيف معاناة مراجعي المستشفيات بصورة مؤقتة.

إشراك القطاع الخاص

وفي نفس الاتجاه فإن توجه الوزارة إلى رفع القيود عن القطاع الخاص، والتوسع في التراخيص الصحية للجهات الأهلية لإشراكها في تطوير الخدمات الصحية، يعد إحدى الايجابيات التي تحسب للوزير الطويل، الذي اكد في مناسبات عدة اهمية الدور المنتظر من القطاع الخاص وانه قطاع شريك، وليس منافسا للقطاع العام.

فقد كشفت مصادر من داخل وزارة الصحة ان ثمة توجها لدى الوزارة نحو رفع القيود عن القطاع الخاص، والتوسع في التراخيص الصحية للجهات الاهلية الراغبة في دخول السوق الصحي، التي اثبتت نجاحها في اكثر من مشروع صحي سابق، وذلك بغرض إشراك هذا القطاع الحيوي في تطوير الخدمات الصحية، وتحسين مستوى جودة الخدمات.

وقالت المصادر ان الوزارة رصدت أخيرا تنامياً كبيرا وسريعا للقطاع الاهلي الصحي، يشير الى إمكان الاعتماد على هذا القطاع بالإسهام في عدد من الجوانب المهمة، على رأسها المشاركة في تخفيف الاعباء عن القطاع الحكومي. المصادر قالت لـ«الجريدة» إن وزير الصحة عبدالله الطويل أكد في اجتماعاته مع القيادات الصحية ضرورة إشراك القطاع الخاص في تطوير الخدمات الصحية، وعدم محاربته كمنافس، لكنه في الوقت ذاته شدد على ضرورة ان تكون الخدمات الصحية في القطاع الخاص خاضعة للرقابة والتفتيش الدوري الذي يضمن جودتها، ويمنع ان تكون تجارة للربح السريع.

العلاقة بين القطاعين

لذا فالعلاقة بين القطاع الصحي الحكومي والقطاع الخاص يجب ان تتسم بالتنسيق، وان يسودها التعاون من اجل مصلحة الكويت، فالمعروف ان بالكويت مستشفيات خاصة على أعلى مستوى من التأهيل الفني والتقني، ولديها من الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة ما يجعلها تنافس أكبر المراكز الصحية في المنطقة والوطن العربي، كما ان هذه المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة تتميز باستقطابها لأطباء عرب وأجانب مشهود لهم بالكفاءة، وقد جاء كلام الوزير الطويل تأكيدا لذلك، فالوزير أكد أهمية دور القطاع الأهلي في تطوير الخدمات الصحية وضرورة «تطوير العلاقة بين القطاعين العام والخاص» مما كان له صدى جيد، واوضح أن التعاون مع القطاع الخاص «أمر اساسي بالنسبة الى وزارة الصحة، ونود تطويره بطريقة موثقة، بحيث نضع قواعد للتعامل مع المستشفيات الخاصة لتغطية حاجتنا الى دعم سريري واطباء، وسنستفيد من اطباء المستشفيات الخاصة، على غرار استفادتنا من الاطباء الذين يتم استقطابهم من الخارج، ولكن نحتاج الى اطار قانوني مدروس من الجهتين لنفعّله، ونعمل من خلاله ليكون القطاع الخاص والعام مكملين لبعضهما»، ويؤكد كلام الطويل نية الوزارة في جعل القطاع الخاص مكملا لأنشطتها، وليس منافسا لها.

وفي ذلك يقول الوزير الطويل إن «المواطن الكويتي لا يريد السفر الى الخارج، بل يريد العلاج في بلده مع خدمات صحية متطورة، وسوف نضع لها الاطار القانوني المناسب، لتكون الصورة واضحة، وليصبح من يريد العلاج هنا يعالج في الكويت، ومن تنطبق عليه الشروط للعلاج بالخارج يبتعث»، وواقع الأمر أن كلام الوزير الطويل ليس مستحيلا تحقيقه، فالعلاج في الخارج يتكالب عليه الناس لثقتهم في أنهم سيحصلون على مستوى متطور من العلاج والخدمة الطبية، بالإضافة إلى شعور المريض الذي سيبعث إلى العلاج بالخارج بأنه يعالج من خلال كادر طبي عالي المستوى، ومن ثم يكون مطمئنا على حياته، والسؤال الآن: لماذا لا يكون لدينا علاج بالداخل على غرار ما يحصل عليه المريض الكويتي في الخارج، والواقع أن الأمر ليس صعبا أو مستحيلا، فكل ما نحتاج اليه هو اولا تغيير الصورة والنظرة الى الوضع الصحي في الكويت، وتطوير مستشفياتنا ومراكزنا الطبية والصحية واستيراد اكفأ الأجهزة الطبية، والأهم من ذلك هو تدريب الأطباء وجلب الخبرات الدولية المشهود لها بالكفاءة من جميع دول العالم من دون النظر إلى التكلفة المادية التي تكلف الدولة، لان ذلك نوع من الاستثمار، إذ ان هذه الكفاءات الدولية الطبية سيكون لها أثر بالغ في تدريب وتطوير كوادرنا الطبية.

وهذا ما أكد عليه الطويل في مناسبات عدة، من ان الوزارة «ستدفع الى الامام نحو تعيين الخبرات الصحية الجيدة من دول العالم كافة، بما فيها الهيئة التمريضية التي نعتمد عليها اعتمادا كليا، ولن نرضى أن نأتي بالهيئة التمريضية من الخارج لندربها ثم تتركنا، ويجب ان تكون على مستوى عالمي».

back to top