Ad

لا تختلف فرعيات القبائل عن فرعيات المساجد والحسينيات التي تقودها الجماعات الدينية الحزبية منها والمذهبية، ولكن ذلك يختلف تماما عن التشاورات أو الانتخابات الداخلية في التنظيمات السياسية المبنية على فكر أو برنامج سياسي غير عرقي أو ديني كانتخابات الحزبين الديموقراطي والجمهوري الدائرة في الولايات المتحدة الآن.

أسس العملية الديموقراطية السليمة وروح الدستور الكويتي مبنيان على أساس أن مواطني الكويت سواسية في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو القبلية أو المذهبية، وبهذه المساواة يشاركون جميعا في انتخاب مرشحين ممثلين لطموحاتهم وآمالهم بما فيه المصلحة العامة بنظرهم.

ومن هذا المنطلق تأتي مناهضتنا للانتخابات الفرعية و«التشاورية» لما فيها من انتقاص لمبدأ المساواة وخدمة المصلحة العامة، فالغرض من خوض انتخابات فرعية والمشاركة فيها هو رفع فرص فوز ممثلي القبيلة أو المذهب أو الطائفة أمام «الآخرين»، وذلك لمصلحة القبيلة أو المذهب أو الطائفة وليس للمصلحة العامة، بل في أغلب الأحيان على حساب المصلحة العامة وخير الوطن، خصوصا إذا اجتمع القبلي بالمذهبي كما يحدث الآن من تحكم للإخوان المسلمين والسلف بالفرعيات القبلية.

ولا تختلف بذلك فرعيات القبائل عن فرعيات المساجد والحسينيات التي تقودها الجماعات الدينية الحزبية منها والمذهبية، ولكن ذلك يختلف تماما عن التشاورات أو الانتخابات الداخلية في التنظيمات السياسية المبنية على فكر أو برنامج سياسي غير عرقي أو ديني كانتخابات الحزبين الديموقراطي والجمهوري الدائرة في الولايات المتحدة الآن. فبادئ ذي بدء الانضمام (والخروج) من التنظيمات السياسية عملية متاحة ومفتوحة للجميع كل حسب قناعاته، وليس تجنيداً قسرياً بسبب الجينات أو مذهب الوالدين كما في القبيلة أو المذهب أو العرق.

ثانيا: الانتخابات السياسية علنية وتخضع للنظم الأساسية للأحزاب وقوانين الدولة. أما الانتخابات الفئوية فهي في أغلب النظم الديموقراطية المدنية غير قانونية ولا تخضع لعملية رقابة أو محاسبة واضحة. وهذا واضح في الرشاوى والضغوط التي يشتكي منها المشاركون في الفرعيات كما أشرت في المقال السابق.

الأهم أن الأحزاب السياسية المدنية هي جزء لا يتجزأ من النظام والعملية السياسية في أي دولة ديموقراطية، في حين أن القبيلة أو الطائفة تشكيلان بدائيان لتنظيم الحياة الاجتماعية لا يتوافقان مع مفهوم المواطنة والدولة الحديثة. فسنّة الحياة أن تتطور المجتمعات الإنسانية من التشكيلات البدائية إلى النظم الأرقى القادرة على حماية وحدة الدولة، وإلا فيكتب على المجتمعات الرافضة للتطور الانقراض والاختفاء من وجه الأرض كالديناصورات.

إن نكوص المواطن إلى القبائل والطوائف الاجتماعية لهو مؤشر لفشل الدولة في إقامة دولة مدنية ديموقراطية قادرة على حماية حقوق الموطنين وإرساء قواعد العدل والمساواة بينهم. ففشل النظام الحالي قد يدفع بعضهم إلى مزيد من العمل لتطوير وترسيخ قواعد سليمة لهذا النظام، في حين يدفع بعضهم الآخر إلى العودة إلى تشكيلاتهم البدائية أملا في الحماية والدعم. ولكن الفريق الأخير، وإن اختار الطريق الأسهل، إلا أنه الفريق الأكثر ضرراً على المدى القصير (المساءلة القانونية) والمدى البعيد (الانقراض).

سؤال بريء: لطالما ادّعى القبليون والمتأسلمون أن الفرعيات حق شرعي لهم لضمان حقوق فئاتهم، فلمَ لمْ نرَ أي محاولة منهم لتغيير القانون للسماح بالفرعيات رغم أنهم يشكلون الأغلبية في كل المجالس التي تعاقبت على الكويت منذ التحرير؟