أصبحت الممتلكات العامة وحوائط الطرق والشوارع، إحدى الوسائل التي يستخدمها مجهولون للتعدي عليها تحت مبررات عديدة؛ إما روحانية بتذكيرنا بالله سبحانه، وكأننا أول الخلق ونجهل الخالق، وإجبارنا على الاستغفار والتحلل من الرذيلة، وكأننا نعايشها في الحياة اليومية، وإما لمبررات مادية كبيع وشراء البطاقات المدنية ضاربين عرض الحائط بالقوانين المانعة لذلك، وإما لمبررات اجتماعية، ولكن تحمل في طياتها أهدافا سياسية، وقد تتكاثر المبررات لأنها لا تجد من يحد منها.

Ad

نعيش مرحلة متقدمة من التعديات على أي شيء تحت أي مبرر، وهي ما أعطت الحق لمجهولي الهوية بتشويه الطرق والشوارع بلافتات لا علاقة لها بالمعلومات التي يحتاجها سائقو المركبات، ولا تمت بأي صلة إلى تعليمات إدارة المرور المعنية. ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فهي تعكس تصرفات مثيرة للفضول، ليس فقط لأنها غير معروفة المصدر، ولكن لتجاهل كل من الجهات الأمنية والرقابية القيام بتتبع أثر من يقوم بذلك والتعرف على هويته، وأيضاً لعدم اكتراث الجهات المختصة بالتعديات على أملاك الدولة، وهو أمر يثير الاستغراب.

إن عملية التعدي وتشويه المرافق المتعمدة قد تخفي وراءها ما هو أبعد، فهناك من يعتقد أنه فوق القانون، وهناك من يعيش من البساطة في الحياة، ومن قد يجهل أن القوانين تمنع تلك التعديات، وآخرون، وهم الكارثة، من يؤمنون بأنها ليست تعديات أصلاً، وقد تكون من صميم مهامه التي رسمها لنفسه.

قد يكون المطلوب حالياً القيام بالإجراءات اللازمة لإزالة تلك التعديات، ولكن الأهم من ذلك، هو التعرف على هويات المتعدين وتحديد الجهات المعنية بتلك التعديات، بحيث يصبح ذلك بمنزلة «بداية النهاية» لتلك الظواهر الدخيلة على مجتمع متحضر يملك جميع الوسائل السلمية للتعبير عن حاجاته ورغباته.