طلابة الشعبي!

نشر في 16-01-2008
آخر تحديث 16-01-2008 | 00:00
 أحمد عيسى

تبقى كتلة العمل الشعبي، هي رمز المعارضة الكويتية الحديثة، وممثلوها يجسدون بروعة تآلف مكونات البيت الكويتي، بباديته وحاضرته، سنته وشيعته، ويكفينا فخراً أن أعضاءها اجتمعوا على الكويت، قبل أن تجمعهم مصالحهم الانتخابية.

يُحسب لكتلة العمل الشعبي أنها الأب الروحي الحديث لمفهوم التكتل البرلماني، فهي أول كتلة تتأسس بعد «العمل الوطني»، التي كانت حاضرة في مجلس 1975 بقيادة الدكتور أحمد الخطيب.

كما خلقت «الشعبي» أرضية فهم برلماني لأهمية قيام الكتل، في مواجهة فرادة قرارات النواب، وبعدها خرجت كتل «الإسلامية» و«المستقلين» و«السبعة زائد واحد» و«الوطني» و«الإسلامية المستقلة»، ثم رفعت سقف المطالب والتحركات، فوجد النواب أنفسهم إما مع «الشعبي» أو ضده، وتحول أحمد السعدون، وليد الجري، عدنان عبد الصمد، وبقية ثلة الفرسان، إلى رموز أقرب للقداسة، عند المواطن البسيط.

ويُحسب لـ«الشعبي» مهنيتها في الخلاف، فهي تختصم كرسي وزير المالية على طول الخط، بغض النظر عن شخص الجالس عليه، وموقفها من القضايا المالية وتوزيع الثروة على المواطنين واضح، إذ دائما ما تصف إلى جانب الكويتيين، بل تطالب بمنحهم أموالاً من ميزانية الدولة فقط لأنهم كويتيون، سواء بزيادة رواتبهم أو بإسقاط قروضهم، أو بإلغاء استقطاعات تأميناتهم.

ويمكن تصنيف «الشعبي»، بأنها كتلة من لا كتلة له، وملاذ النواب غير المتكتلين، ومن يريد صعود موجة المعارضة الشعبية، فنوابها ضد الإسلاميين ومعهم، مقربون من العمل الوطني والمستقلين، وموقفها يتناقض أحيانا، فتارة تجد أعضاءها يستجوبون عادل الصبيح على قضايا ذات صلة بالإسكان، إلا أنهم يغضون الطرف عن فهد الميع، حينما يحمل الحقيبة نفسها والهموم ذاتها، وبينما يسيطر أعضاؤها على اللجنة الإسكانية البرلمانية، إلا أن القضية لم تجد طريقها إلى الحل حتى الآن.

وهناك ازدواجية في معيار التعامل، فنجدها تسقط عضوية نائبين لعدم التزامهما بما يتم الاتفاق عليه، وبعد ذلك ترفع الحرج عن ممثليها، ولا تلزمهم باتخاذ موقف موحد ككتلة برلمانية، فتجد الرئيس وفريقه، بمواجهة الناطق الرسمي وفريقه، وهذا ما تكرر مع إعطاء المرأة حقوقها السياسية، وإسقاط القروض، وسيتكرر عند التصويت على حجب الثقة عن وزيرة التربية نورية الصبيح الثلاثاء المقبل، التي أعلن الرئيس دعمها وفريقه، بينما شارك الناطق الرسمي وفريقه بتقديم طلب حجب الثقة عنها.

وأذّكر قارئي بأن النائب السابق حسين القلاف اتهم زملاءه في «الشعبي» بالتلون وازدواجية المعايير، قبل أربعة أعوام، بعد استجوابه وزير الشؤون طلال العيار، ومنذ ذلك الوقت وتصريحه يتحقق ببشاعة، فزميله مسلم البراك يشارك مؤيداً في استجواب عبد الله النيباري، ضد نائب رئيس مجلس الوزراء محمد شرار على تجاوزات لآلئ الخيران، ليحّمل غريمه وزير المالية يوسف الإبراهيم المسؤولية، ونجده متحدثاً عن الفساد في استجواب وزير النفط علي الجراح، ويغيب عن استجواب وزير البلدية محمد شرار حول فساد هيئة الزراعة، ويلتزم الصمت حيال إلقاء دكتور جامعي للمصحف الشريف في دورة المياه، ويصرخ على طالبة (ربما تكون) كتبت عبارات مسيئة على كتاب تفسير للقرآن الكريم، فيصدق القلاف ونتألم نحن.

ولكن مع ذلك، تبقى كتلة العمل الشعبي، هي رمز المعارضة الكويتية الحديثة، وممثلوها يجسدون بروعة تآلف مكونات البيت الكويتي، بباديته وحاضرته، سنته وشيعته، ويكفينا فخراً أن أعضاءها اجتمعوا على الكويت، قبل أن تجمعهم مصالحهم الانتخابية، ففي هذا الزمن، هكذا تكون المعارضة، وهكذا تكون مواقف الرجال.

back to top