التكتل الشعبي: انشق... لم ينشق، انشق... لم ينشق!

نشر في 15-01-2008
آخر تحديث 15-01-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

من الإنصاف أن يُنظر إلى «حشد» على أنه تكتل حديث النشأة، قام على تجربة فريدة جمعت ما بين السني والشيعي، والحضري والقبلي في تيار واحد، ولا بد له بطبيعة الحال أن يواجه عبر مسيرته، وفي بدايته بالأخص، مثل هذه العثرات.

خلال الأيام الماضية، لم يتفوق في عدد المقالات التي أشادت بأداء الوزيرة نورية الصبيح على منصة الاستجواب والتي يبدو لي أنها غدت مادة لمن لا مادة له، إلا تلك المقالات التي تحدثت عن انشقاق التكتل الشعبي «حشد» بالتركيز على اختلاف توجهات أعضاء هذا التكتل في البرلمان (الموقف من طرح الثقة عن الوزيرة نورية الصبيح مثالاً).

لا مشكلة في هذا، لكن شريطة أن تأتي المقالات من باب التحليل ومحاولة تفسير الأمر وبحث أسبابه وانعكاساته، فتعطي القارئ فائدة في مقابل الوقت الذي أزجاه في القراءة. أما أن تأتي من باب الردح وضرب الطبول احتفالاً واستبشاراً ببوادر انشقاق «حشد» فهذا غباء لا يضاهيه إلا غباء أولئك الذين كتبوا أن ما حصل شيء طبيعي، وليس في الأمر من مشكلة!

لم أكن لأقول إن ما حصل من ارتباك مواقف أعضاء «حشد» هو شيء طبيعي وليس فيه مشكلة، لكنني في الوقت ذاته لن أقول إنه من العلامات الكبرى على نهاية هذا التكتل.

من الإنصاف أن يُنظر إلى «حشد» على أنه تكتل حديث النشأة، قام على تجربة فريدة جمعت ما بين السني والشيعي، والحضري والقبلي في تيار واحد، ولا بد له بطبيعة الحال أن يواجه عبر مسيرته، وفي بدايته بالأخص، مثل هذه العثرات، خصوصاً أنه تكتل قام في أصله على أساس تحالف برلماني، وليس على أساس الوحدة الفكرية (الإيديولوجيا)، كبقية التيارات السياسية المنثورة في الساحة.

على من يكتب مستبشراً بانشقاق «حشد»، خصوصاً من أولئك المعلقة قلوبهم بالتيارات السياسية الأخرى، أن يتذكر أولاً، وعلى سبيل المثال، كيف أن الحركة الدستورية «حدس» لطالما واجهت منعطفات اتخذ فيها بعض أعضائها مواقف تختلف عن بعضها، هذا وهي التيار السياسي العريق جداً الذي يقوم على الوحدة الفكرية في أساسه، وكذلك أن الكتلة السلفية أيضا واجهت مواقف مشابهة بالرغم من عراقتها بل وكونها تقوم على وحدة فكرية أكثر صرامة باعتبار أنها مستمدة من القواعد الشرعية الثابتة التي لا تتزحزح!

منذ ظهور «حشد» والحديث يدور عن فكرة خوضه للانتخابات المقبلة ككتلة، وكثيرون من المهتمين بالحراك السياسي وأنا منهم، يبدون ملاحظاتهم وأحيانا تشككهم من قدرة هذا الكيان الجديد على مواجهة الواقع بهذه الخلطة غير المألوفة لأعضائه، خصوصا أنه، وكما ذكرت لم يقم في الأساس على وحدة فكرية، وإنما على ترتيب برلماني مباشر وبسيط. وكان السؤال دائماً عن كيف سيتمكنون من اقناع الناخب الذي لايزال مكبلاً لقبيلته وعشيرته وعائلته وطائفته، بوضع كل هذا في الإطار الاجتماعي أو الديني المحدد والصحيح، والتوجه عوضاً عن ذلك نحو فكرة التيار الوطني الجامع؟

أعتقد أن ارتباك مواقف أعضاء «حشد»، أمر مفهوم إن وضع في هذا السياق، فأعضاء هذا التكتل لم يتخلصوا بعد، حالهم في ذلك حال الناخب الكويتي، من ارتباطاتهم الفردية.

إن فكرة الانصهار في بوتقة الحزب السياسي لاتزال ضبابية في أعين الغالبية العظمى عندنا، لذلك مازلنا نرى من يقول إن من الطبيعي أن يكون لبعض أعضاء الحزب السياسي مواقف علنية تختلف عن الآخرين في بعض المسائل، وهذا خطأ شنيع.

مَن ينخرط في أي حزب سياسي فعليه أن يتخذ الموقف نفسه الذي تتخذه الأغلبية في هذا الحزب، لأنه عود من حزمة هي الحزب، وما عاد يمثل نفسه إلا من خلال هذا الحزب، وفي اللحظة التي يرى فيها أن الحزب سيتخذ موقفاً لا يمكن له أن يوافق عليه لمخالفته لمبادئه وما يؤمن به، فعليه أن يتقدم باستقالته وأن ينسحب. هذا هو العمل الحزبي الصحيح، وما عداه «لعب عيال، ولا مؤاخذة»!

back to top