الجمعيات الطبية والسقطة المخزية!

نشر في 11-12-2007
آخر تحديث 11-12-2007 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

حين جاءت المجموعة الجديدة وتسلمت مقاعد مجلس إدارة الجمعية الطبية تفاءلت خيراً واستبشرت بعدما تابعت نشاطهم المميز في مسألة كادر الأطباء، لكنني اليوم مصعوق وأنا أراهم ينزلقون هذا المنزلق الخطير، ويقحمون أنفسهم لسبب ما بهذه الطريقة الركيكة في صراع سياسي، في حين كان الأجدر بهم أن يلتزموا جانب الرأي المهني الأكاديمي البحت.

يبدو لي أن العقلية السائدة والمسيطرة على الأجواء عندنا قد صارت عقلية التصعيد وسلق المراحل والقفز على السلم، وأما أسلوب التعقل والحكمة فالظاهر أنه قد أعلن اعتزاله، وترك الساحة ربما إلى غير رجعة. ومن يتصفح جرائدنا اليوم وير ما فيها من السجالات الصاخبة للحكومة والبرلمان والنقابات والجمعيات وغيرها، يصبه الصداع من كثرة التهديد والوعيد والصراخ والزعيق!

بالأمس وفي أكثر من صحيفة، نشرت دار جمعيات المهن الطبية بيانا مشتركاً لجمعيات الصيدلة والأسنان والطب البشري، تستنكر فيه وبلغة قاسية خلت من الحصافة والحكمة قيام وزير الصحة عبدالله الطويل بتنحية وكيل الوزارة

د. عيسى الخليفة عن رئاسة لجنة بحث شروط شغل الوظائف الإشرافية. وقد جاء البيان الطويل الذي شغل إعلانا مدفوع الأجر بحجم نصف صفحة في أكثر من صحيفة وبقيمة لا تقل عن الألفين دينار لكل إعلان دفعت من الميزانية لا من جيوب أعضاء مجالس الإدارات طبعاً، ليتهم الوزير الذي نعتته الجمعيات الطبية بالوزير (الليبرالي سلفاً) بالرضوخ لضغوطات النائب د. وليد الطبطبائي الذي اتهمته بدوره بالهجوم اللامبرر على شخص وكيل الوزارة الذي ذهب البيان للتمجيد به وليعدد مزاياه وخصاله وانجازاته بشكل مكشوف مبتذل!

من حق الجمعيات الطبية أن تعترض على ما قام به الوزير من باب الاختلاف المهني، ومن حقها أن تبين اعتراضها هذا للوزير مشفوعاً بمبرراتها، ولكنه سيبقى حقاً مطلقاً للوزير في أن يتخذ القرارات وفق ما يراه مناسباً لسير العمل في وزارته لأنه المسؤول الأول والأخير عما يجري فيها، وهو الواقع تحت نظر العين البرلمانية المراقبة المحاسبة.

والحق اني كنت دائماً وطوال السنوات الماضية وقبل وصول مجلس إدارة الجمعية الطبية الحالي، أعيب على اعتزال هذه الجمعية للعمل النقابي الجاد، وانغلاقها على نفسها وعدم قيامها بدورها المفترض، وحين جاءت المجموعة الجديدة وتسلمت مقاعد مجلس الإدارة تفاءلت خيراً واستبشرت بعدما تابعت نشاطهم المميز في مسألة كادر الأطباء، لكنني اليوم مصعوق وأنا أراهم ينزلقون هذا المنزلق الخطير، ويقحمون أنفسهم لسبب ما بهذه الطريقة الركيكة في صراع سياسي، في حين كان الأجدر بهم أن يلتزموا جانب الرأي المهني الأكاديمي البحت.

والأشد من ذلك والأنكى أنهم وحين قرروا أن يدخلوا طرفا في هذا الصراع السياسي، دخلوه بشكل فاضح من خلال هذا التصعيد غير المبرر عبر بيانهم الصحفي الذي خلا من أبسط قواعد الوقار واللياقة والأدب في مخاطبة أصحاب الشأن، هذا الوقار الذي يفترض في المهن التخصصية الأكاديمية التي يمثلونها.

من يقرأ هذا البيان الكارثة، في بنيانه وتوقيته لا في معناه لأن هذا ليس بموضوع مقالي اليوم، لا يكاد يصدق كيف أجمع عليه ثلة من الأطباء المتخصصين الحاصلين على أعلى الدرجات العلمية في ثلاثة مجالس إدارات مهنية حتى يكاد يخيل له أن وراء الأكمة ما وراءها وأن في الأمور أمورا.

إنها والله لسقطة مخزية وللأسف!

back to top