وزير ترشيد الكهرباء يخدرنا ورئيس الحكومة لا يدري!
الموضوع ليس لعبة كرة القدم، حتى نشاهد كل يوم نائباً أو مسؤولاً يشيد بحملة ترشيد ويشجع وزير الكهرباء ويحضه على تجاهل «المثبطين»، إنما هي قضية مصيرية خانقة، والحكومة ورئيسها ووزير الكهرباء حتى الساعة لم يأتونا بحل حقيقي.
لو طلبت منكم أن تخبروني عن المهمة الأساسية لوزارة الكهرباء بكلمة أو كلمتين، فماذا ستكون الإجابة؟ ستكون وبكل بساطة... «توفير الكهرباء». ولو سألتكم مرة أخرى عن النشاط الأبرز لوزارة الكهرباء ووزيرها في هذه الأيام، فماذا ستكون الإجابة؟ ستكون وببساطة أشد من سابقتها... حملة «ترشيد»!المعذرة، ولكن هل يرى غيري المفارقة الغريبة والواضحة هنا؟ ففي حين أن الدور الرئيس لوزارة الكهرباء هو توفير الكهرباء، ينصرف أغلب جهد الوزير نحو الدعوة إلى عدم استهلاك الكهرباء، بل يصرح فيقول «إننا لن نستطيع بناء محطات جديدة حالياً، بيد أن من الممكن تجاوز الأزمة بترشيد الاستهلاك»!سعادة الوزير يعلن صراحة أن وزارته غير قادرة على توفير الكهرباء لأنها غير قادرة على بناء محطات جديدة، فهل يسمح لنا أن نسأله عن السبب في ذلك في ظل توافر الموارد المالية؟! إصراري على تناول موضوع أزمة الكهرباء نابع من أن هذه القضية في تصوري أكبر بكثير من مجرد أزمة تقنية، فهي في الحقيقة أزمة كبرى تكشف عن عدم قدرة الحكومة الحالية على إدارة الدولة، وتقدم لنا نموذجاً فاقعاً لسوء الإدارة والتخطيط وعلى تعاظم الفساد في مرافق الدولة.لم أكن لأتهم الوزير محمد العليم بشيء، فهذا الرجل الذي عرفته عن كثب ومن موقع ابن العم والجار والصديق منذ سنوات أطول بكثير من عمره في وزارة الكهرباء، من الرجال الذين أثق بنظافة كفهم وجديتهم، لكنني أعلم أن أزمة الكهرباء أكبر منه بمراحل، وإن كنت سألومه على شيء فسألومه على قبوله حقيبة وزارة الكهرباء أصلاً، هذه الحقيبة التي جعلت منه تجسيداً حياً لمقولة الرجل المناسب في المكان الخطأ، وفي التوقيت الخطأ!محمد العليم رجل أكاديمي وسياسي محنك، ويعلم أنه حين قبل هذه الحقيبة برغبته وبرغبة الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»، قد صار معها شخصية عامة معرضة للنقد والنقاش، وهو يعلم كذلك أنني والزملاء الآخرين حينما ننتقد الحكومة ووزارة الكهرباء وننتقده كوزير، لا ننطلق من منطلقات شخصية، إنما من منطلقات عامة، لأنها قضية وطن، والوطن أكبر منا ومن «حدس» ومن محمد العليم ومن الحكومة بأسرها.وعندما ننتقد حملة «ترشيد»، لا يعني ذلك أننا ننكر جهود القائمين عليها، فنحن نعلم يقيناً أن هذه الحملة تقوم على أكتاف الكثير من الشباب والشابات المخلصين الصادقين الذين يبذلون جهداً كبيراً، لكننا ننتقد مفرداتها وأسلوبها وآلياتها وتوقيتها والأهم من ذلك ننتقد الميزانية المرصودة لها، ولا أظن أن هذا الأمر يسوء أحدا.أزمة الكهرباء لاتزال تائهة لا تعرف طريق الحل، فعندما تقول صحيفة «الراي» على لسان سمو رئيس الوزراء بالأمس إن أزمة الكهرباء ستنتهي خلال سنة، وتقول جريدة «الجريدة» على لسانه إنها ستنتهي خلال سنة ونصف، وتقول «القبس» على لسانه إنها ستنتهي خلال سنتين، سنكتشف أن سموه لا يعرف على وجه اليقين متى ستنتهي الأزمة وهذه مصيبة تنذر بمصائب أعظم!الموضوع ليس لعبة كرة القدم، حتى نشاهد كل يوم نائباً أو مسؤولاً يشيد بحملة ترشيد ويشجع وزير الكهرباء ويحضه على تجاهل «المثبطين»، إنما هي قضية مصيرية خانقة، والحكومة ورئيسها ووزير الكهرباء حتى الساعة لم يأتونا بحل حقيقي واضح المعالم، ولذلك فلن تفلح «ترشيد» في تخديرنا!