Ad

تركيز تغليظ العقوبة في القانون الجديد- إذا ما قُدّم- على الناخب سيكون أكثر جدوى من تركيزها على النائب أو المرشح، فشطب أي مواطن من السجلات الانتخابية للأبد في حال ثبوت اشتراكه في الانتخابات الفرعية، عقوبة كفيلة بأن يفكر الناخب ألف مرة قبل أن يقدم على هذه الخطوة.

بما أن العلاقة بين السلطتين حالياً تمر بمرحلة هدوء نسبية، مقارنة مع فترات سابقة، فإن الأمل يحدو الكثيرين في أن تشهد الفترة المقبلة بعض الإنجاز الحكومي النيابي على صعيد إقرار عدد من القوانيين، لإعادة الثقة على الأقل إلى الحكومة والمجلس التي تزعزعت لدى الشارع بعد سلسلة من الصدمات والأزمات التي كادت تصل بعلاقتهما إلى مرحلة «الطلاق السياسي» البائن في أكثر من مناسبة.

إن خلق حالة من التوازن بين الجانب الرقابي، والجانب التشريعي، هو أحد أهم مقومات العمل النيابي الناجح، على اعتبار أن طغيان جانب على آخر يشكل انحرافاً لمفهوم وطبيعة ذلك العمل، ولعل اعتزام كتلة العمل الشعبي خلال الفترة المقبلة على تقديم اقتراح بقانون «حزمة الأمن المعيشي»، إضافة اقتراح تحسين الوضع الإنساني للبدون، يمثل بارقة أمل بالولوج في مرحلة الإنجاز.

وبالرغم من أهمية هذين المقترحين نظراً إلى كونهما يمسان السواد الأعظم من المواطنين والبدون، فإن ثمة قضايا أخرى لا تقل أهمية يجب التركيز عليها «تشريعياً» سيما ما يتعلق بالإصلاح السياسي. وفي هذا الجانب تحديداً، يبرز قانون تغليظ عقوبة المشاركة في الانتخابات الفرعية، كأهم القضايا التي يجب أن تتبناها بعض الكتل التي ترفع شعار الإصلاح، عبر تقديم هذا القانون في أسرع وقت ممكن.

اعتقد أن وجود الشيخ ناصر كرئيس للحكومة يمثل فرصة مناسبة لتمرير هذا القانون، لما عرف عن سموه من نهج إصلاحي يقوم على تغليب المصلحة الوطنية على ما سواها، وهو ما أثبتته تجارب سابقة لسنا هنا بصدد التذكير بها، ضف إلى ذلك، ان مرحلة «جَس النبض» التي تعيشها العلاقة بين السلطتين مرشحة للاستمرار لوقت ليس بالقصير، وهو ما يجب أن تستغله قوى الإصلاح لتمرير القانون قبل أن ينفث النافثون من داخل المجلس و«خارجه» في نار التأزيم من جديد، فالوكلاء داخل «قاعة عبدالله السالم» على أهبة الاستعداد وفي انتظار الأوامر والإيعازات فقط.

في اعتقادي، ان تركيز تغليظ العقوبة في القانون الجديد- إذا ما قُدّم- على الناخب أكثر جدوى من تركيزها على النائب أو المرشح، فشطب أي مواطن من السجلات الانتخابية للأبد في حال ثبوت اشتراكه في الانتخابات الفرعية، عقوبة كفيلة بأن يفكر الناخب ألف مرة قبل أن يقدم على هذه الخطوة، فصوته وصوت عائلته هما «الكارت الوحيد»، الذي من خلاله يشعر بوجوده وتأثيره ومدى حاجة المرشح إليه، وبالتالي من الصعوبة أن يغامر بهذا «الكارت» عبر التصويت في الفرعي، كما أن هذا التوجه سيخلق مبرراً منطقياً لتجاوز الحرج الاجتماعي الذي نعانيه كأبناء قبائل نرفض تسيس القبيلة لأهداف انتخابية، عندما تكون العقوبة بهذا الحجم، فهذا هو المخرج الوحيد لنا من الضغوط الاجتماعية التي تحاصرنا. بعكس المرشح الذي قد يعميه بريق «الكرسي الأخضر» وحلم الوصول إلى قبة البرلمان عن أي عقوبات قد تطاله.

ويبدو ان إطلاق حملة شعبية إعلامية بالتزامن مع موعد طرح القانون، أمر مهم جداً بالنسبة الى قوى الإصلاح وقواعدها في الدوائر الانتخابية كافة، لإعطاء زخم شعبي لهذا القانون، عبر إقامة الندوات والتجمعات في تلك المناطق التي تكثر فيها الانتخابات الفرعية، حتى لو وصل الأمر إلى قيام أصحاب الديوانيات من المواطنيين الرافضين للفرعي -وهم كثر- بنشر إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف، بأنهم لن يصوتوا لأي مرشح يخرج من رحم الانتخابات الفرعية، فالكويت والديموقراطية الكويتية تستحق منا الكثير، حتى لو اضطررنا أن ندفع من «جيوبنا».

على كل... فإن الأمر برمته معلق بموقف الحكومة من القانون متى ما قُدم، فهي بوزرائها من تملك الرقم المرجح لتمريره، رغم أن المنطق يقول إنها هي من كان يتعين عليها تقديم قانون في هذا الإطار، بهدف تنقية جسد الديموقراطية من أي شوائب عالقة.