توه الناس على الاستعراض الحكومي!
بين حالة الاستسلام السياسي داخل قاعة المجلس ومحاولة تصنع الندية ساحة كبيرة من الأداء الموضوعي والمتوازن، وسياسة «قطع رأس القط» في غير وقتها الأصلي لا تنطلي أو تجدي نفعاً، ولجوء بعض الوزراء إلى فرض شخصيتهم أمام المجلس بعد أسبوع من تعيينهم لا يسمن ولا يغني من جوع.
يفسر بعضهم أداء الحكومة خلال جلستي الرد على الخطاب الأميري تحت قبة البرلمان بأنه مؤشر حيوي من شأنه أن يعيد روح الثقة في نفوس الوزراء، ويمكنهم من التصدي لمداخلات النواب، وخصوصاً بعد فترة من الخمول والتردد، الأمر الذي خلق انطباعاً عاماً عن الضعف السياسي، وسوء التنسيق، وعدم التحضير المسبق للجلسات البرلمانية لمجلس الوزراء.ولاشك أن هيبة الحكومة وتمتعها بالندية في مواجهة المجلس أمر محمود، بل تقتضيه مكانة السلطة التنفيذية دستورياً، وصلاحياتها الواسعة، وواجباتها كجهاز حكم يحدد مصير الدولة، ويهيمن على سياستها العامة، ولكن يجب أن ينتبه سمو رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء إلى تلك الأبواق التي تحرض الحكومة على اصطناع المواجهة مع مجلس الأمة، أو الاستعراض السياسي ورفع نبرة الصوت لمجرد الارتياح النفسي أو الكسب العاطفي من خلال مخاطبة الرأي العام، وهي صفات دأبت تلك الأبواق على إلصاقها بالنواب من أجل تكسيرهم شعبياً. وبين حالة الاستسلام السياسي داخل قاعة المجلس ومحاولة تصنع الندية ساحة كبيرة من الأداء الموضوعي والمتوازن، وسياسة «قطع رأس القط» في غير وقتها الأصلي لا تنطلي أو تجدي نفعاً، ولجوء بعض الوزراء إلى فرض شخصيتهم أمام المجلس بعد أسبوع من تعيينهم لا يسمن ولا يغني من جوع، كما أن إقرار البعض الآخر من الوزراء بوجود مشاكل حقيقية ومزمنة في المؤسسات التابعة لهم بعد إثارتها من قبل النواب، رغم كونه علامة ايجابية، هو أيضاً لا يعني أن هؤلاء الوزراء قد نجحوا في اختبارهم الأول أمام المجلس، بل يتطلب الأمر ترجمة القول بالعمل الميداني، وتحقيق نتائج ملموسة وقابلة للتقييم الفعلي.ونأمل أن يؤجل الأخوة الزملاء في فريق الحكومة هذا الحماس أيضاً عندما يتبلور برنامج عمل الحكومة وخططها ومشاريعها أولاً، ثم يتسابقوا للدفاع عنها وشرح أبعادها ونتائجها المطروحة، وعندئذ سوف يفرضون احترامهم ونجاحهم على الجميع وأولهم أعضاء مجلس الأمة.نرجو أن يستعرض السادة الوزراء لباقتهم الكلامية وبلغة ملؤها الثقة والدليل، عندما يقف كل واحد منهم على المنصة الأمامية، ويستخدم الشاشة الكبيرة ليعرض بالأرقام والرسوم البيانية الارتقاء بمستوى أداء مؤسساته، وكبح جماح الفساد فيها وتطهيرها من العناصر السيئة، وفرض الشفافية في طريقة تعيين كوادرها القيادية، وحجم محافظتها على الأموال العامة في مصروفاتها، وعندها سوف يرون محبة الناس وتقديرهم، وفي مقدمتهم زملاؤهم النواب، لشخوصهم وأفعالهم.ونقولها بصدق وصراحة، ما من أحد يشعر بالرضا والفخر من نجاح الوزراء في عملهم وسيادة القانون في الهيئات والجهات التابعة لهم، واحترام معايير الثواب والعقاب على موظفيهم، أكثر من النواب، لأن مثل هذا النجاح يزيح عن كاهلهم عبئاً ثقيلاً، ويريحهم من عناء شكوى المواطنين وتذمرهم وتظلماتهم، ويكفيهم شعور الإحباط والغضب من قراءة التقارير المنتفخة بالتجاوزات والانتهاكات، كما أنه يوفر لهم الوقت والصفاء الذهني للتفكير في المستقبل على حساب العودة إلى ملفات الماضي الأسود، أو التعثر في مستنقعات الواقع المرير!