من دون عنوان
جلست في الزاوية أتأمل الوجوه، شباب وطلبة وكبار سن... شخصيات معروفة وأخرى بسيطة. كان شخصاً حوى كل تناقضات الموجودين في جنازته وعزاءه كما في حياته.. وعزاؤنا أنه في مكان أجمل من عالمنا.دخل رجل مسن وجلس بجانبي... خلع نظارته وقال «كنت راقداً بالمستشفى... بس هذا الدكتور نحبه»... وأدمعت عيناه. في الطرف الآخر كان أصدقاؤه... يتحدث أحدهم عن رحلة علاجه، وكم حاول مراراً أن يهزم ذاك المرض اللعين... وكم كان رحيله فاجعة للجميع. وآخر يتحدث عن حبه لممارسة الرياضة.. وأيام الزمالة في الدراسة بالخارج... ذاك يقول إنه في يوم وفاته كانت مفارقة أن غداءه كان «أكلة» الراحل المفضلة التي كان يحبها ويطلبها دوماً...
كان الحزن والبكاء يلّف المكان لحظة وداعك... لكن ابتسامتك الدائمة كانت حاضرة في أذهاننا جميعاً لحظة رحيلك تقول لنا إنك بخير... يقولون «من خلّف ما مات»، ولنا في أسرتك مثال لتربية الأبناء رسخت فيها حب العلم وغرس القيم النبيلة أنت ورفيقة دربك وسندك أم طارق. أبا طارق... أبي... أجمل الأشخاص الذين عرفتهم. لم أكن قريباً منك كما أتمنى... سيفقدك النادي... سيفقدك الأصدقاء وسيفقدك ذاك المسن الذي أدمعت عيناه في عزائك.. مكتبك في الجامعة.. سيارتك... كتبك.. آلاف الطلبة وأبناؤك العديدون... وأنا منهم... سيفتقدك طارق في مكتبه... ومحمد في عيادته... ومرام في كلية الطب وفجر في الجامعة... وستفتقدك أم طارق... تلك المرأة الوفيّة الصادقة التي وقفت بجانبك وواجهت لأجل أبنائها ولأجلك الكثير... وغيّبك المرض والموت اليوم عنها... ويبقى عزاؤنا في أبناء يرفعون رأسك... وأم حنونة بجانبهم كما كانت بجانبك.. وأنك اليوم في مكان أجمل... تنظر لهم ولنا بابتسامتك الدائمة... لنبقى بخير.الدكتور، المعلم، الوالد، المبتسم، جاسم محمد يوسف كرم جرخي... رحمك الله... سنفتقدك.